وُلد شيستوف في كييف لأب ثري كان يمتلك مصنعاً للنسيج، ودرس في الجامعة ليصبح محاسباً لكنه لم يمارس مهنته قط. كما أنه، رغم تحمسه للفكر الثوري، لم تساوره أية أوهام بشأن الثورة البلشفية عند اندلاعها، وهاجر من روسيا وعمل أستاذاً للفلسفة الروسية في جامعة باريس. وتُعَدُّ مقالاته عن تشيخوف ودوستويفسكي وتولستوي من أهم ما كتب.
يدور فكر شيستوف الوجودي حول موضوع يراه تناقضاً أساسياً بين نسقين فلسفيين أساسيين: نسق يطمح إلى اليقين الكامل، ونسق يَصدُر عن الإيمان بأن الاحتمالات في الواقع غير محدودة، ومن ثم فإن اليقين الكامل مستحيل. ويرى شيستوف أن المشروع المعرفي الغربي إن هو إلا محاولة للوصول إلى نسق تفسير منطقي منهجي كلي وشامل يفسر الواقع بأسره ويجيب على كل الأسئلة عن طريق التوصل إلى القوانين الثابتة التي تحكم الواقع الإنساني والطبيعي. ويتم التعبير عن هذا الاتجاه في فلسفة أفلوطين بل وفي آراء توماس الأكويني، وقمة هذا الاتجاه فلسفة إسبينوزا العقلية. فقد حاول إسبينوزا ألا يضحك وألا يبكي وألا يكره، وركز جل اهتمامه على أن يفهم وحسب، فهو قمة الاتجاه نحو اليقينية الكاملة. ويرمز شيستوف لهذا النسق بأثينا التي آمنت بمبدأي عدم التناقض والثالث المرفوع، وحاولت الوصول إلى درجة عالية من الوضوح والثبات تؤدي في نهاية الأمر إلى إلغاء المطلقات (كل المطلقات) واختفاء القداسة كلها. ويضيف شيستوف أن النظم المعرفية المستقرة لا يمكنها في واقع الأمر الحفاظ على وجودها إلا من خلال القوة، فالنظام (المغلق) مثل القلعة المسلحة (وهو في هذه الصورة المجازية لا يُذكِّرنا بفلسفة شوبنهاور ونيتشه وداروين والبرجماتية وحسب وإنما أيضاً بالدولة القومية المركزية وبالفكر الإمبريالي والعنصري وبالفكر الذي يعلن موت الإله وموت الإنسان) .