للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكننا الآن أن نتوجه إلى البُعد اليهودي في فلسفة هوسرل. ثمة نزعة حلولية كمونية واحدية (روحية مادية) في فكر هوسرل، ولكن مصادرها ليست بالضرورة يهودية، ففكره امتداد للتقاليد الحلولية الكمونية، المادية الروحية، في الغرب منذ عصر نهضته. ونحن نجد أن ثمة تشابهاً بنيوياً عميقاً بين محاولة تأسيس الحقيقة على أساس تجاوز الذات الفردية والموضوع وصولاً إلى نقطة الواقع، باعتباره ظاهرة خالصة داخل الوعي الجمعي من جهة، ومن جهة أخرى مفهوم الإله في أسفار موسى الخمسة (وهو جزء من تراث اليهودية المسيحية) . فالإله ليس كياناً حالاًّ تماماً في المادة كامناً فيها ولا هو حالّ كامن في فرد بعينه، ولكنه مع هذا ليس متجاوزاً تماماً للأفراد وللشعوب، فهو يختار الشعب اليهودي ويحل فيه ويوجه تاريخه ويتبدَّى من خلاله، وهذا لا يختلف كثيراً عن تبدِّي الواقع كظاهرة خالصة في الوعي الخالص الجمعي. وقد تأثر هوسرل بفكر العديد من الفلاسفة غير اليهود، كما أنه أثّر في مارلو بونتي وماكس شيلر وجان بول سارتر ومارتن هيدجر، والأخير بالذات دفع المنظومة الفينومينولوجية إلى نهايتها المنطقية وتبنَّى الأيديولوجية النازية ودافع عن هتلر باعتباره النقطة التي تلتحم فيها الذات بالموضوع. ومن ثم فالحديث عن يهودية هوسرل هو حديث لا طائل من ورائه. وعلى كلٍّ، تنصَّر هوسرل في مطلع شبابه كما أسلفنا، فهو ليس يهودياً حتى من الناحية الشكلية. ولعل اسمه لهذا السبب لم يرد في كثير من الموسوعات التي تحدثت عن الثقافة اليهودية، وإن كان قد ورد في بعض منها (الموسوعة اليهودية [جودايكا] على سبيل المثال) .

ليف شيستوف (١٨٦٦-١٩٣٨) والفلسفة المسيحية

Lev Shestov and Christian Philosophy

اسمه الأصلي هو ليف إيزاكوفيتش شوارتسمان. وهو فيلسوف وكاتب ديني وجودي روسي، ويُعدُّ من أهم ناقدي الاتجاهات العقلانية المنهجية باعتبارها وسائل لمعرفة الحقيقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>