يعارض المثال الصهيوني (الإمكانية الكامنة) وإنما الأداء الصهيوني وحسب، وهي رؤية أقل ما توصف به أنها ساذجة لأن الإمكانية المثالية لابد أن تتحقق بشكل جزئي. والأداء الصهيوني عبر تاريخه الطويل (منذ عام ١٨٨٢) عنصري استبعادي إحلالي بشكل واضح، ونقطة البدء الصهيونية ذاتها (أي الاستيطان وإعلان الدولة) مبنية على اغتصاب الآخر.. أفلا يدل هذا على أن طبيعة الصهيونية هوبزية داروينية نيتشوية وأن الصهيونية لا يمكنها أن تحقق البقاء إلا بطريقة غير جديرة بالاحترام؟ أو لا يدل هذا على أن المثل الصهيوني الكامن قد يكون في واقع الأمر أكثر عنصرية وشراسة من الأداء الصهيوني؟
مهما يكن الأمر، فإن موقف تشومسكي من إسرائيل يتسم بالرؤية النقدية الصارمة، فهو يقبل حق تقرير المصير للفلسطينيين في الضفة والقطاع ويبذل جهداً غير عادي في كشف السياسات العدوانية والتوسعية والعنصرية من جانب إسرائيل وعمالتها للولايات المتحدة. وقد وقف تشومسكي ضد اتفاق أسلو ووصفه بأنه استمرار طبيعي لمشروع آلون (وهو مشروع يوافق عليه كلا الحزبين الأساسيين في إسرائيل ويدور في إطار عدم الإقرار بالحقوق الوطنية للفلسطينيين وألا تُرغَم إسرائيل على الانسحاب إلى حدود ١٩٦٧، كما أنه يعطي إسرائيل الفرصة في الوقت نفسه كي لا تدير بنفسها المناطق ذات الكثافة السكانية الفلسطينية) . وكان المطروح في الماضي أن تقوم السلطة الأردنية بذلك، والتعديل الوحيد هو إحلال السلطة الفلسطينية محل السلطة الأردنية. وكل هذا يعني في واقع الأمر تقليل الاحتكاك بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال دون الإخلال بالأساس القمعي الإسرائيلي.