للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفكر رايخ كامن في النسق الفرويدي، وكل ما فعله أنه دفع التفسير الواحدي الجنسي إلى نتيجته المنطقية، فإذا كان الدافع الجنسي في الإنسان هو المحرِّك الأول والقيمة الحاكمة والركيزة النهائية، فإن الإفصاح عنه يصبح الخير المطلق، كما أن أي إعلاء يكون بمنزلة فرض حدود عليه، ومن ثم فهو شر خالص. ولا ندري هل يستلهم رايخ القبَّالاه مباشرة في مجال إعطاء الجنس مثل هذه المحورية، أو أنه تأثر بها من خلال فرويد وغيره، أو أن هذه المحورية تعبير عن الرغبة الحلولية (الغنوصية) في العودة إلى مرحلة السيولة الكونية التي لا تحدها حدود، وهي رغبة كامنة في كثير من الرؤى العلمانية الشاملة للكون! إن هذه الرغبة في التخلص من الحدود تأخذ شكل الحل السحري، أي الصيغة أو الوسيلة التي تأتي بالتحكم الكامل والسعادة الدائمة، وهذا ما يظهر في علب الأرجون التي تأتي بالسعادة الدائمة وحالة القذف الدائمة أو عند الطلب. كما أن العلبة السحرية تضمن التحكم الكامل والمرجعية الذاتية فعن طريق استخدامها يمكن استبعاد لا أعضاء الجنس الآخر وحسب وإنما أعضاء الجنس المثلي، فهي حالة استمناء فاوستيه بروميثية (وقد تنبأنا في رسالتنا للدكتوراه عام ١٩٦٩ بأن الحضارة الغربية بتأكيدها مركزية مبدأ اللذة وتحقيق الذات ستمر بمرحلة من الشذوذ الجنسي تليها مرحلة استمنائية، باعتبار أن الاستمناء هو المرجعية الذاتية الكاملة التي تستبعد التاريخ والجغرافيا والآخر والمجتمع) .

إريك فروم (١٩٠٠-١٩٨٠ (Erik Fromm

عالم نفس وفيلسوف أمريكي يهودي وناقد اجتماعي. وُلد في مدينة فرانكفورت في ألمانيا لعائلة يهودية أرثوذكسية، ودرس في المدارس الألمانية العلمانية وحصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع وعلم النفس من جامعة هايدلبرح، كما تلقى تعليماً دينياً يهودياً حيث درس العهد القديم والتلمود على أيدي كبار الحاخامات.

<<  <  ج: ص:  >  >>