ويعود هذا التحول في واقع الأمر إلى حركة عامة نشأت في فرنسا واتجهت نحو تأكيد اللامركزية والخصوصية الإقليمية وعارضت مركزية الدولة، كما طالبت بالاعتراف بالخصائص اللغوية والثقافية للأقاليم الفرنسية المختلفة. ومن ثم، بدأت الجماعات اليهودية في فرنسا هي الأخرى بالمطالبة بالاعتراف بهوياتها الدينية والإثنية.
غير أن أشكال الهوية اليهودية تعددت فاتخذت شكلاً دينياً إثنياً بين اليهود القادمين من شمال أفريقيا بتراثهم وتقاليدهم التي تبلورت في العالم العربي، في حين اتخذت شكلاً إثنياً لادينياً بين اليهود الأوربيين، وخصوصاً بين اليهود ذوي الأصول الشرق أوربية والتراث اليديشي.
وإذا كان تعميق الهوية اليهودية، وإن تعدَّدت أشكالها، له أثر في تزايد الالتحاق بالمدارس اليهودية، فإن الجزء الأكبر من الأطفال اليهود ظَلَّ خارج النظام التعليمي اليهودي، خصوصاً أن النظام المجاني للتعليم الحكومي الفرنسي كان إحدى أدوات الحراك الاجتماعي بالنسبة لأبناء المهاجرين. وتوفر المدارس الحكومية الفرنسية فصولاً للعبرية، كما تسمح لطلابها بتلقي تعليم ديني بعد ساعات الدراسة المدرسية.
وتضم الجامعات الفرنسية أقساماً وبرامج للدراسات اليهودية والعبرية. وقد تأسَّست عام ١٩٨٥ مدرسة للدراسات العليا اليهودية Ecole Des Hautes Etudes du Judaisme ملحقةً بمعهد باريس القومي للغات والحضارات الشرقية، وذلك لتقدم برامج تعليم العبرية الكلاسيكية والحديثة ومقررات دراسية في فكر وتاريخ وحضارة الجماعات اليهودية. كما يقدم مركز راشي، الذي تديره منظمة الصندوق الاجتماعي اليهودي الموحد، برامج لنيل الدرجة الجامعية في الدراسات اليهودية بالتعاون مع جامعة السوربون - بانشون.