وقد اختفت كل مؤسسات الإدارة الذاتية التقليدية (والنازية والصهيونية) وحلت محلها مؤسسات حديثة تختلف في وظيفتها تماماً عن مؤسسات الإدارة الذاتية التقليدية. فالهدف من مقاطعة بيروبيجان حل مشكلة الجماعة اليهودية في روسيا باعتبارها جماعة قومية ليست لها أرض خاصة بها (ولذا انخرط بعض أعضائها في الوظائف الطفيلية الهامشية) . أما مؤسسات القهال وروابط المهاجرين وحلقات العمال والنادي اليهودي في الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وغيرها فهي لا تختلف عن مثيلتها من المؤسسات التي تجمع أعضاء الجماعات الإثنية والدينية المهاجرة في المجتمعات الحديثة وهي مؤسسات توفر لهم إطاراً يمكنهم من خلاله التواصل على مستوى أقل عمومية وأكثر خصوصية من تواصلهم في رقعة الحياة العامة وتفي ببعض حاجاتهم النفسية والمادية الخاصة. ومن ثم فهي ليست مؤسسات إدارة ذاتية رغم أن اسمها قد يوحي بذلك.
وتحاول بعض الكتابات الصهيونية أن تُقدِّم بعض الحوادث التاريخية الاستثنائية مثل مملكة حمير ومملكة حدياب ومملكة الخزر باعتبارها تعبيراً عن رغبة اليهود الأزلية في الاستقلال الذاتي. وغني عن القول أن الدراسة التاريخية تبيِّن أن هذه مجرد استثناءات يمكن تفسيرها لا في إطار التاريخ اليهودي وإنما في إطار التشكيلات الحضارية المختلفة التي ظهرت في إطارها.