والخروج عملية هجرة من مصر إلى أرض كنعان (فلسطين) . وبالتالي يمكن النظر إليه في إطار آليات الهجرة باعتبارها حركة طرد من مصر، وحركة جذب إلى كنعان، شأنه شأن أية حركة هجرة أخرى. ومع هذا، يجب التحفظ بشأن ما سنورده من أسباب وتفسيرات، فهذه مراحل تاريخية كثير من جوانبها ظلت سديمية، لا نعرف الكثير عنها.
وفي محاولة تفسير حركة الطرد من مصر يمكننا القول بأنه عند تحرير مصر من الهكسوس طُرد معهم حلفاؤهم العبرانيون. أما من بقوا منهم، فقد اعتُبروا أجانب وتحوَّلوا إلى أرقاء وعبيد سُخِّروا في أعمال البناء والمشاريع الإنشائية التي كان يقوم بها الفراعنة، ومن هنا أصبحت مصر، بالنسبة إليهم أرض العبودية.
ويضاف إلى هذا العامل الحضاري أنه تم في القرن الثالث عشر قبل الميلاد اكتشاف الحديد، وهو ما أدَّى إلى بدء تَدهوُّر الوضع الاقتصادي في مصر. فقد كانت مصر غنية بمناجم النحاس، وتسيطر سيطرة شبه كاملة على تجارته مع بلدان غربي آسيا، ولذا، فقد كانت تمارس تأثيراً لا يُستهان به في المنطقة. إلا أن اكتشاف الحديد قلب الأوضاع القائمة حيث حل التعامل بالمعدن الجديد محل التعامل بالنحاس في العالم القديم. ولم تقتصر آثار ذلك على الشعب المصري وحده وإنما شملت الحالة المعيشية لجميع الأجانب القاطنين مصر ومنهم العبرانيون، الأمر الذي دفعهم إلى التفكير في الانتقال إلى موقع آخر أفضل.
وعلاوة على هذا، شهدت منطقة البحر الأبيض المتوسط في الحقبة التاريخية ١٤٠٠ ـ ١١٠٠ ق. م حركة هجرة هائلة امتدت من أواسط آسيا متجهة نحو شواطئ البحر الأبيض المتوسط وأوربا، إلى جانب حركة سكان جزر المتوسط نحو السهول الساحلية (ومن بينها السواحل الشرقية) مثل شعوب البحر ومنهم الفلستيون.