للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما حركة الجذب إلى كنعان، فقد كانت تعود إلى جملة أسباب، أولها أن كنعان كانت دوماً عرضة للغزو الخارجي، ولكنها كانت تقع خارج حدود إمبراطوريتين عظميين: بلاد الرافدين، ووادي النيل. وهذا يعني أن الأقوام التي كانت تعيش فيها كانت تتمتع إلى حدٍّ ما بنوع من الاستقلال النسبي. كما أنها كانت قد بلغت مرحلة متقدمة في الصناعة والتجارة والرفاهية الاقتصادية. وكان هذا يشكل عامل جذب قوي بالنسبة إلى العبرانيين، ويحمل في تضاعيفه أمل التغلغل في هذا المجال، وبالتالي السيطرة عليه. وإضافة إلى هذا، كان العبرانيون قد أقاموا في كنعان في زمن مضى، الأمر الذي كان يهيئهم نفسياً للتفكير في الهجرة إليها مرة أخرى، وخصوصاً أنها على مقربة من مصر. وأخيراً كان التشكيل السياسي السائد في كنعان يتكون من دويلات/مدن ضعيفة لم يكن من الصعب على العبرانيين أن يغزوها ويبسطوا سيطرتهم عليها.

ويختلف العلماء في تحديد الطريق الذي سلكه العبرانيون في خروجهم من مصر. فيحاول بعضهم تحديده بدراسة نصوص العهد القديم وتحليل تضاريس شبه جزيرة سيناء. بل يثير بعض العلماء قضية أن المكان الذي خرج منه العبرانيون «متسراييم» لم يكن «مصر» ، فقد أشار هيوجو ونكلر إلى أن متسراييم التوراتية ليست مصر وإنما موزري وهي مقاطعة جنوبي البحر الميت تضم مرتفعات سعير ومدينة البتراء وتضم أرض مَدْيَن والأدوميين والنبطيين وأنه حدث خلط بين موزري ومصر. ويرى كمال الصليبي أن متسراييم هي أرض عسير في جنوب المملكة العربية السعودية. وقد رفضت أغلبية العلماء كلا الرأيين.

ونحن نستخدم كلمة «الخروج» للإشارة إلى هجرة العبرانيين (جماعة يسرائيل) من مصر، وسيرهم في سيناء، من الناحية الدينية. ونستخدم كلمة «هجرة» للإشارة إلى الواقعة التاريخية ذاتها، أما عبارة «التسلل العبراني في أرض كنعان» ، فنستخدمها للإشارة إلى دخول العبرانيين أرض كنعان.

الخروج (مفهوم ديني)

<<  <  ج: ص:  >  >>