والعبادة القربانية المركزية تدور في إطار حلولي، ولذا يُلاحَظ أن القداسة تتغلغل تماماً في المؤسسات القومية السياسية، وكان المعبد المركزي (الملحق بالقصر الملكي) والعبادة القربانية المركزية هما التعبير المتعين عن تَداخُل المطلق والنسبي والمقدَّس والزمني. وقد كانت الشرعية السياسية متداخلة تماماً مع الشرعية الدينية، ولذا يُلاحَظ أن تأسيس الأسر المالكة في الشرق الأدنى القديم يصاحبه دائماً تأسيس معبد مركزي حتى يمكنها تركيز السلطة. ولم يشكل العبرانيون القدامى (جماعة يسرائيل) استثناء من القاعدة، فقد تم تأسيس الهيكل المركزي ليصبح الرمز الواضح والمتجسد للحلول الإلهي وللشرعية الدينية التي كان يحتاج إليها النظام السياسي. فكان حكم الأسرة الداودية (نسبة إلى داود) يستند إلى الهيكل. وعلى مستوى العلاقات الدولية، كان الهيكل يعطي الدولة الجديدة هيبة أمام الزوار الأجانب، ويؤكد لهم شرعية النظام الجديد، كما أن هيمنة الدولة العبرانية على بعض المناطق المجاورة لها كان يتم بموافقة الكهنة، ويهوه بطبيعة الحال.
وكان تركيز العبادة القربانية تركيزاً لموارد الدولة أيضاً، وقد كانت القرابين من أهم هذه الموارد إلى جانب الضرائب وجزية الرؤوس التي فرضها سليمان على جميع رعاياه بحيث كان على كل ذكر يهودي أن يدفع نصف شيكل كل عام (وهو الشيكل المقدَّس) . لهذا، لم يسمح بتقديم أية قرابين خارج الهيكل بعد تأسيسه. وكان الهيكل، شأنه شأن كثير من الهياكل في الشرق الأدنى القديم، مصرفاً يضع فيه الأثرياء نقودهم ويرسلون إليه النذور والقرابين، كما كانت تُحفَظ فيه رموز الدولة وطنافسها.
وقد استمر هذا الوضع مع هيكل هيرود الذي أشار إليه ول ديورانت بأنه «المصرف القومي» ، وأشار إليه يهودا مينوهين بأنه «الهيكل/السوق» ، حيث كان يُوجَد الباعة وتجار الماشية والصيارفة، وكان هذا هو سرّ غضب السيد المسيح عند زيارته للهيكل.