وقد رفض كثير من اليهود، وخصوصاً الأثرياء، العودة إلى فلسطين بعد مرسوم قورش، واكتفوا بدفع مساعدات مالية للعائدين. ويُقال إن قسماً كبيراً من اليهود العائدين كانوا من أحفاد الأسر الأرستقراطية والكهنوتية ذات المواقع الطبقية والمكانة المتميزة المرتبطة بالهيكل والعبادة القربانية، وهؤلاء استرجعوا بعودتهم بعضاً مما فقدوه من مواقع ومزايا طبقية واجتماعية، وكانوا يعرفون أنهم سيكونون نخبة حاكمة جديدة أو جماعة وظيفية موالية للفرس تدير شئون فلسطين وأهلها لصالح الدولة الحاكمة.
ولم يعد من بابل سوى أقلية قليلة، بسبب معدلات الاندماج العالية التي حقَّقها المهجَّرون. ولعل أكبر دليل على هذا الاندماج ورود أسماء عبرانية، بصورة متكررة، في الوثائق التجارية لذلك العهد. وكان بعض هذه الأسماء مركباً من أسماء آلهة بابلية فاسم «شيشبصر» مثلاً يعني «يا إله الشمس احفظ السيد أو الابن» ، كما كان «حجاي» يعني «وُلد يوم عيد» أو «وُلد يوم إجازة» ، و «سبتاي» معناه «وُلد يوم سبت» ، وكذا اسم «زروبابل» معناه «زرع بابل» أو «المولود في بابل» ، وكلها أسماء بابلية. وكان النبي إرميا من أكبر مشجعي العبرانيين على الاندماج، إذ قال:«واطلبوا سلام المدينة التي سبيتكم إليها وصلُّوا لأجلها إلى الرب لأن سلامها يكون لكم بسلام»(إرميا ٢٩/٧) .