ويُقال إن تبان أسعد أبو كرب (٣٧٨ ـ ٤١٥) اهتدى إلى اليهودية عند اجتيازه يثرب وهو عائد إلى اليمن على يد حبرين (أي حاخامين) من بني قريظة. ويُقال أيضاً إن اليهودية ظلت ديناً رسمياً لبلاد العرب الجنوبية طيلة حكم السبئيين المتأخرين من سنة ٤٠٠ حتى ٥٢٥، وأن آخر ملوكهم هو ذو النواس (٥١٧ ـ ٥٢٥) الذي شن حملة نكَّل فيها بالمسيحيين، فهاجم نجران (أكبر مركز للمسيحية) وخيَّر أهلها بين الارتداد عن دينهم واعتناق اليهودية أو الموت حرقاً. فآثر بعضهم الموت فحفر لهم أخاديد أحرقهم فيها وأحرق إنجيلهم، ولقد وردت هذه الحادثة في القرآن الكريم (سورة البروج) . وأثارت هذه الواقعة غضب قيصر الإمبراطورية الرومانية الشرقية، فاتصل بنجاشي الحبشة الذي جرَّد حملة للانتقام، فخرج ذو النواس لهم وانهزم هزيمة نكراء، وانتهى بذلك ملك الحميريين في اليمن. وقد اندمج يهود شبه الجزيرة واليمن في السكان العرب وتزاوجوا معهم، وأصبح طابعهم عربياً صرفاً، فانتظموا في قبائل وبطون وأفخاذ مثل العرب ودخلوا في التحالفات القَبَلية بما يتضمنه ذلك من مسئوليات قَبَلية مشتركة وصراعات شبه دائمة.