للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرد ذكر عشائر يهودية كثيرة، مثل بني عكرمة وبني زعورا وبني زيد وبني ثعلبة، ولكن أكبر التجمعات اليهودية كانت في يثرب حيث كانوا أصحابها، وكانت يثرب واحة خضراء وتُتعبَر إحدى المحطات التجارية المهمة في طريق التجارة الرئيسي آنذاك الممتد بين مكة والشام، والمبتدئ داخل شبه الجزيرة العربية بعدن في الجنوب، وبعد انهدام سد مأرب (٤٤٧ - ٤٥٠) وفد إلى يثرب قبائل الأوس والخزرج، فجاوروا القبائل اليهودية في بداية الأمر ثم تزايدت أعدادهم بمرور الوقت فراحوا ينافسون اليهود في تملُّك الأراضي الزراعية فازدادت قوتهم وهو ما دفع عدداً من البطون اليهودية، الأقل شأناً، أن تدخل في حماهم وتنتسب إليهم، في الوقت الذي دب فيه العداء بين جماعات اليهود الكبرى. وبالتدريج أصبحت الغلبة والسيادة في يثرب للأوس والخزرج فسيطروا على يثرب وقسَّموها فيما بينهم، ولم يبق لليهود منذئذ سلطان عليها. وكان التجمع اليهودي في يثرب يضم ثلاث قبائل، اثنتان منها يُقال لهما بنو هارون لكونهما من الكهنة وهما بنو النضير وبنو قريظة، وكان أعضاء هاتين القبيلتين يعملون بالزراعة. أما القبيلة الثالثة فهي قبيلة بني قينقاع، وكان أعضاؤها يحترفون بعض المهن كالحدادة والصباغة وصناعة السيوف ويمارسون المبادلات التجارية. وكان أعضاء هذه القبائل الثلاث يعيشون في أحياء خاصة بهم ويقيمون الحصون للاحتماء بها.

ولم يكن عدد اليهود كبيراً، فقد كان عدد المقاتلين في كل قبيلة لا يتجاوز بضع مئات من الرجال. فمقاتلو بني قينقاع كانوا نحو سبعمائة شخص، ومقاتلو بني النضير نحو أربعمائة وخمسين شخصاً، أما بنو قريظة فكان عدد مقاتليهم يتراوح بين ستمائة وسبعمائة شخص، أي أن مجموع مقاتلي القبائل اليهودية الثلاث في المدينة لم يكن يتجاوز في عصر الرسالة ألفي رجل. ويمكننا أن نخمِّن العدد الكلي ليهود المدينة استناداً إلى هذا الرقم.

<<  <  ج: ص:  >  >>