وكان يوجد تجمُّع يهودي آخر في خيبر وهي واحة تقع على الطريق بين المدينة والشام على مسافة مائة ميل إلى الشمال من يثرب. ويبدو أن معظم سكان خيبر، إن لم يكن جميعهم، كانوا من اليهود. ولم تصل إلينا معلومات واضحة عن تركيبهم القَبَلي، وهل كانوا ينتمون إلى قبيلة واحدة أم كانوا ينتمون إلى عدة قبائل. ولكن يُستنتَج من دراسة علاقتهم بيهود المدينة أنهم كانت تربطهم علاقة وثيقة بقبيلة بني النضير. لذا، فقد لجأت هذه القبيلة إلى خيبر بعد أن أجلاها الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن المدينة، وأخذ زعماؤها يلعبون دوراً قيادياً في سياسة مدينة خيبر ودفعها باتجاه محاربة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، كما حدث في غزوة الخندق.
وكان يهود خيبر يعيشون بصورة أساسية على الزراعة بسبب خصوبة أراضي خيبر وكثرة مياهها. وكانت أهم مزروعاتها النخيل والحبوب وبعض الخضراوات. كما اشتغل يهود خيبر بتربية بعض أنواع الحيوانات كالماشية والدجاج وغيرها.
وقد فرضت طبيعة الحياة الزراعية على يهود خيبر أن يسكنوا جماعات متفرقة قرب العيون وجداول المياه، وهو ما جعل خيبر أقرب ما تكون إلى مجموعة قرى متناثرة في الأودية. وعمدت كل مجموعة من يهود خيبر إلى بناء حصن خاص بها لتحتمي به في أوقات الحروب. ولقد ذكر المؤرخون أنها سبعة حصون أساسية. وقد يدل تعدُّد الحصون في خيبر على انقسام أهلها إلى سبع كتل متفرقة بحيث لجأت كل كتلة إلى بناء حصن خاص بها للدفاع عن نفسها كما فعلت القبائل اليهودية في يثرب. ولم تقدم لنا المصادر التاريخية معلومات محددة عن عدد سكان أو مقاتلي خيبر، ولكن يبدو أنه كان صغيراً وربما مقارباً لعدد المقاتلين في جيش الرسول صلى الله عليه وسلم، أي في حدود ألف وأربعمائة رجل على أكبر تقدير.