أما بقية المناطق التي سكن فيها اليهود، مثل فدك وتيماء ووادي القرى، فقد كانت واحات صغيرة تقطنها مجاميع يهودية محدودة العدد إلى جانب بعض السكان العرب. ولكن لم تصل إلينا معلومات واضحة عن أعدادهم أو طرق معيشتهم أو أوضاعهم السياسية والثقافية. ولكن يظهر من الإشارات التي أوردتها بعض المصادر التاريخية أن حالتهم لم تكن تختلف كثيراً عن يهود يثرب وخيبر إذ كان معظمهم يشتغلون بالزراعة ويرتبطون بعلاقات تحالف مع القبائل العربية المجاورة لهم حمايةً لأنفسهم في مواجهة المخاطر. وكانت هناك قبائل يهودية أخرى تسكن اليمن ونجران في جنوب الجزيرة العربية.
وكان اليهود يخضعون في نظامهم السياسي والاجتماعي لرؤسائهم وساداتهم أصحاب الآكام والحصون والأرض، يدفعون لهم ما هو مفروض عليهم أداؤه كل عام. وكان يتولى الأحبار أو الربانيون (أي الحاخامات) الأمور الدينية، فيقيمون الصلاة وينظرون في شكاوى الناس ويعلمون الأولاد.
ولم يكن اليهود كتلة واحدة متماسكة من الناحية السياسية، فقد اتحد بنو النضير وبنو قريظة مع الأوس ضد بني قينقاع الذين انضموا إلى الخزرج. وانعكست الصراعات بين الأوس والخزرج على قبائل اليهود. وحين دخلت قبائل يثرب وبطونها معركة ضارية في يوم بعاث، حارب بعض قبائل اليهود ضد البعض الآخر، وبالغ بنو النضير وبنو قريظة في قتل أفراد بني قينقاع. ويظهر عدم التماسك أيضاً في اشتراك يهودي يدعى مخيريق إلى جانب المسلمين في معركة أُحُد حيث قال: إن أُصبت فـ[إن] مالي لمحمد يصنع فيه ما يشاء، ثم غدا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقاتل معه حتى قُتل فقال الرسول (صلى الله عليهم وسلم) : «مخيريق من خير اليهود» .