ولا يرد ذكر يهود الجزيرة العربية في المراجع اليهودية أو غير اليهودية قبل بعث الرسول (صلى الله عليه وسلم) نظراً لانقطاع علاقتهم ببقية يهود العالم. وكانت علاقتهم بيهود فلسطين، الذين كانوا يتحدثون الآرامية، علاقة تجارية لا تختلف عن علاقة القبائل العربية الأخرى بهم. بل إن هناك من القرائن ما يدل على أن يهود دمشق وحلب لم يكونوا (في القرن الثامن الميلادي) يعتبرون يهود الجزيرة العربية يهوداً على الإطلاق نظراً لأنهم لم يكونوا يعرفون التلمود وإن عرفوه لم يخضعوا لقوانينه. ويبدو أن يهوديتهم كانت تتلخص في الإيمان بعقيدة التوحيد والعهد القديم. وكان حاخاماتهم يقرأون العهد القديم بالعبرية ثم يشرحونه بالعربية لمستمعيهم. وكان اليهود يعرفون بعض كتب المدراش. ويُقال إن اليهودية التي اعتنقها عرب الجزيرة كانت أشبه بحزب قَبَلي أكثر من كونها ديناً له أصول وأبعاد كدين يهود فلسطين، إذ كان مجرد اعتناق أحد رؤساء القبائل أو البطون أو الأفخاذ للديانة اليهودية يؤدي تلقائياً إلى تهوُّد أتباعه. ومع هذا، لا يمكن استبعاد وجود طبقة حلولية قوية في عقائد يهود الجزيرة العربية. ويعود هذا ولا شك للوثنية العربية المحيطة بهم. وتظهر الحلولية وبقوة في فكر عبد الله بن سبأ (أو السبئية إن أخذنا بالرأي الذي يذهب إلى أنه شخصية غير تاريخية) .