وقد أباح الإسلام لأهل الذمة حرية العمل والكسب، ومزاولة ما يختارونه من مهن، ومباشرة ما يرتاحون إليه من نشاط اقتصادي، شأنهم في ذلك شأن المسلمين الذين يعيشون معهم. ولا يرى الإسلام أي حرج في أن يشتغل مسلم عند أهل الكتاب أو يشتغل أهل الكتاب عند مسلم، أما عن تولِّي غير المسلمين الوظائف العامة، فذكر لأهل الذمة «الحق في تولي وظائف الدولة كالمسلمين، إلا ما غلبت عليه الصبغة الدينية، كالإمامة ورئاسة الدولة، والقيادة في الجيش والقضاء بين المسلمين، والولاية على الصدقات لأن الإمامة والرئاسة العامة في الدين والدنيا وهي خلافة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وقيادة الجيش ليست عملاً مدنياً صرفاً، بل هي من أعمال العبادة لكونها جهاداً، والقضاء حكم بالشريعة الإسلامية فلا يُطلَب من غير المسلم أن يحكم بما لا يؤمن به. وأشار في ذلك إلى ما صرح به الماوردي من جواز تقليد الذمي وزارة التنفيذ دون وزارة التفويض. ولذا كان اشتغال اليهود والنصارى في الوظائف الكبيرة والصغيرة أمراً شائعاً في بلاد الإسلام. ومع هذا يرى طارق البشري أنه في العصر الحديث، بعد أن أصبحت الدولة كياناً مركباً متداخلاً، وأصبح القرار السياسي نتيجة دراسة خبراء ومستشارين، فإن من الممكن لأهل الذمة أن يتقلدوا أية مناصب (إلا تلك المناصب ذات الصيغة الدينية، بطبيعة الحال) .