وعند الفتح الإسلامي، كان أعضاء الجماعات اليهودية يشتغلون بالزراعة وتربية الماشية، وكانت أكثريتهم تمتهن الحرف اليدوية. ولكن، مع نهاية العصر الأموي وبداية العصر العباسي، تغيَّر الوضع تماماً نظراً لما يسميه بعض المؤرخين "الثورة التجارية في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين". وتعود هذه الثورة التجارية إلى أن الفتح الإسلامي قد وحَّد منطقة الشرق بعد أن تقاسمتها عدة إمبراطوريات ودويلات لمدة طويلة. وقد تم الاستيلاء على ثروات كبيرة كانت محبوسة في الكنائس والأديرة وقصور الملوك على هيئة تماثيل ذهبية ومعدنية تحوَّلت كلها إلى رأسمال كان من السهل انتقاله. وقد واكب ذلك ظهور عمالة رخيصة بسبب توحيد السوق، وسقوط الإطار الطبقي الهرمي القديم الذي كانت تعضده الديانة المجوسية والكنيسة الأرثوذكسية الرومانية، والهجرة من القرية إلى المدينة. وساهمت حركة البناء الضخمة التي أعقبت الفتح الإسلامي في تنشيط الحركة التجارية، وساهمت الطرق التي شُقَّت في تسهيل انتقال رأس المال والعمالة والخبرات والسلع.