ويبدو أن المكانة الخاصة التي يشغلها التجار في الحضارة الإسلامية انعكست على الجماعات اليهودية، فكانت النخبة التجارية تشكل العمود الفقري للنخبة الدينية اليهودية وتتحكم فيها. وكثيراً ما كان يُجنَّد رؤساء الحلقات التلمودية في العراق من بين صفوف التجار حتى قبل الفتح الإسلامي. وقد ظهرت طبقة ثرية قائدة بين اليهود تشكل القيادة الحقيقية للجماعة (وهو وضع يشبه وضع اليهود في الولايات المتحدة حالياً) . ولعبت هذه الطبقة من التجار والمموِّلين دوراً أساسياً في حياة الجماعة، فقد كانوا جهابذة وصيارفة بلاط أو صيارفة حكومة أو مموِّلين كباراً يتحكمون في تعيين رأس الجالوت. وبسبب نفوذهم، تمكَّن سعيد بن يوسف الفيومي (سعديا جاؤون)(٨٨٢ ـ ٩٤١) من أن يبقى رئيساً لحلقة سورا لمدة عامين حتى بعد أن طرده رأس الجالوت. كما كان اليهود الراذانية مسيطرين على حلقة بومبديثا التلمودية. ويُلاحَظ أن طبقة التجار كانت تتحد دائماً مع الفقهاء ضد رأس الجالوت الذي كان يُقال إنه من نسل داود. وهذا التحالف يمثل النخبة التي تستند إلى المال والمقدرة الفكرية مقابل النخبة التي تستند إلى الميراث. وهذا يشبه من بعض الوجوه صعود الموالي في المجتمع الإسلامي مستندين إلى المال والمقدرة الفكرية، مقابل الأرستقراطية العربية التي تعتمد على الحسب والنسب.