للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاكمة (الإمبراطور والكنيسة) تبذل قصارى جهدها لحماية اليهود، وهو ما كان يدعم شكوك الجماهير.

ويمكننا أن نُشبِّه أعضاء الجماعات اليهودية في العصور الوسطى (في الغرب) بالمماليك، وهم جماعة وظيفية أخرى كانت تعمل بالقتال. فأعضاء الجماعة اليهودية كانوا ملكية خاصة للإمبراطور، وهم مثل المماليك مختلفون إثنياً ووظيفياً (ومختلفون كذلك دينياً في حالة اليهود) عن بقية أفراد الشعب. وقد كانت وظيفتهم، كمحاربين أو تجار، تتطلب أن يظلوا غرباء عن المجتمع. فالتجارة كانت نشاطاً كريهاً ولم تكن قط نشاطاً أساسياً في العصور الوسطى، أما القتال فقد كان وظيفة غير محببة ويتطلب تَملُّك ناصيتها قدراً من التفرغ. ومع هذا، لم يكن اليهود مماليك مسلحين. وقد يكون من المناسب أن نسميهم «المماليك التجارية» . وكان المماليك التجارية داخل الحضارة الغربية، مثلهم مثل المماليك، أداة استغلال ومحط كراهية الجماهير، ولكنهم كانوا عُزّلاً غير مسلحين. وقد كانت خطورة وضعهم داخل الحضارة الغربية كامنة في النظر إليهم باعتبارهم جماعة تكتسب طابعاً عاماً مجرداً، فكان الهجوم مثلاً على اليهود يُنظَر إليه وكأنه اقتحام أحد المصارف أو تحطيم لآلات المصنع على نحو ما كان يفعل العمال في أوربا في القرن التاسع عشر الميلادي. ويمكن النظر إلى عملية طردهم باعتبارها كانت تساوي عملية تأميم رأس المال الأجنبي، تماماً مثلما يحدث الآن في بلاد العالم الثالث حينما تظهر طبقة تجارية محلية تضطلع بأعمال التجارة والمال، أو حينما تقوم الدولة نفسها بهذه الوظائف فتؤمم البنوك وتطرد العنصر الأجنبي.

ثانياً: من نهاية القرن الحادي عشر الميلادي حتى بداية عصر النهضة في الغرب:

<<  <  ج: ص:  >  >>