وحينما اندلعت الثورة الفرنسية، لم تجر إثارة أي جدل بشأن اليهود السفارد الذين كانوا يشكلون جزءاً عضوياً من المجتمع الفرنسي والذين كانوا يتحدثون إما اللغة الفرنسية أو اللادينو وهي رطانة إسبانية قرىبة الشبه بالفرنسية، وكانوا يعملون في التجارة الدولية بل وفي الصناعة ويتمتعون بمعظم حقوق المواطنين الفرنسيين ويعيشون في المناطق الساحلية. وكان نظامهم التعليمي متطوراً، فعلى سبيل المثال قاموا هم أنفسهم بحظر تدريس التلمود في مدارسهم منذ عام ١٧٦٠. وكانوا قد حصلوا على حق السكنى في أي مكان بفرنسا، وحق إقامة شعائرهم بحرية كاملة. ولكل هذا، فإن منح اليهود السفارد في جنوب فرنسا وفي أفينيون، حقوقهم المدنية بالكامل، كانت مسألة شكلية تمت دون مناقشة في يناير عام ١٧٩٠. أما اليهود الإشكناز، في الألزاس واللورين وغيرهما من المناطق، فكانوا محور المناقشة بسبب تَميُّزهم الوظيفي والثقافي، كما كانوا محط احتقار إخوانهم من السفارد. فكان الزواج المختلط بين الفريقين محظوراً، بل إن السفارد منعوا الإشكناز من الاستقرار في مقاطعة بوردو التي كان السفارد يوجدون فيها بأعداد كبيرة. وإلى جانب هذا، كان اليهود الإشكناز محط كراهية عميقة من الجماهير المسيحية. وعشية الثورة الفرنسية نوقشت المسألة اليهودية الإشكنازية، والتي تم طرحها على النحو التالي: هل اليهود فرنسيون أم أنهم أمة داخل أمة؟ وعزف أعداء اليهود على نغمة «الخطر اليهودي» وأشاروا إلى أن اليهود جسم متماسك غريب منبوذ، ولذا فلابد من التخلص منه (وهي نفسها الفكرة التي عبَّرنا عنها بعبارة الشعب العضوي المنبوذ) . أما العقلانيون، فكانوا يطرحون الخط الاندماجي الذي يرى أن مشكلة اليهود الإشكناز ليست مسألة كامنة في طبيعتهم وإنما تنبع من وضعهم الشاذ ومن إنكار حقوقهم السياسية والمدنية، وأن الحل يكمن في تحديث اليهود وإعتاقهم، أي إعطائهم حقوقهم كاملة وتشجيعهم على الاندماج مقابل أن