ويعاني يهود إنجلترا من ظاهرة موت الشعب اليهودي، أي تَناقُص عددهم مع احتمال اختفائهم. وفي حالة إنجلترا، يتبدَّى هذا في تَزايُد متوسط الأعمار بين أعضاء الجماعة اليهودية عنه على المستوى القومي وتَزايُد نسبة الوفيات بينهم عن نسبة الوفيات على المستوي القومي أيضاً. ففي عام ١٩٨٤، كان معدل الوفيات بين اليهود ١٥ من كل ألف مقابل ١١.٨ لكل السكان. ويزيد عدد الوفيات على عدد المواليد بمعدل ١٣٠٠ حالة سنوياً. ويبدو أن ظاهرة الإحجام عن الإنجاب، وكذلك عدم الخصوبة التي يتسم بها يهود العالم (الغربي بالذات) سائدة في إنجلترا. ولذا، فإن الزيادة الطبيعية لا تؤدي إلى تعويض الأعداد التي تفقد، كما أن عدد اليهود يتناقص بسبب تَصاعُد معدلات العلمنة والاندماج، وهما أمران مرتبطان أحدهما بالآخر تماماً. ونسبة الزواج المختلط مرتفعة إلى حد يصل إلى ٤٠ ـ ٥٠%. كما أن عدد الزيجات اليهودية أخذ في التناقص، إذ سُجِّل في عام ١٩٦٠ نحو ٣٦٦٤ حالة زواج، ثم تناقص العدد ليصبح ١١٥٣ عام ١٩٨٤ ثم ١.٠٣١ فقط عام ١٩٩٢. ويُلاحَظ تَزايُد نسبة الطلاق بين أعضاء الجماعة اليهودية إذ بلغت نحو ٣٥%. وربما كانت النسبة العامة في إنجلترا لا تختلف عن ذلك كثيراً، ولكنها تكتسب دلالة خاصة بالنسبة إلى عدد يهود إنجلترا إذ أن الطلاق مؤشر على تَفسُّخ الأسرة اليهودية وهي الإطار الذي احتفظ من خلاله أعضاء الجماعات اليهودية المختلفة بهوياتهم. ويعتبر يهود إنجلترا أنفسهم يهوداً من الناحية الدينية وحسب، وبريطانيين من الناحية العرْقية. ومن المفارقات أن هذا التصور يساعد على تَزايُد الاندماج لأن الأمور الدينية، في المجتمعات العلمانية، تُعتبَر أموراً خاصة للغاية لا تحدد سلوك الأفراد إلا في أضيق الحدود ولقد شبهها ماكسيم رودنسون بالانضمام إلى ناد للعب الشطرنج. وبالتالي، تصبح هوية اليهودي البريطاني هوية بريطانية بالدرجة الأولى. ومن بين العناصر الأخرى التي تساهم