في منتصف القرن التاسع عشر (حوالي عام ١٨٥٧) ، كانت هناك ١٨١ مدينة بولندية منها ٨٨ (أي نحو نصفها أو ٦.٤٨% منها) تضم أغلبية يهودية مطلقة. كما كان هناك ١٢٠ مدينة ٤٠% من سكانها يهود، أي أن ٦٦.٢% من مدن بولندا كانت ذات طابع يهودي فاقع. وكان ١.٥% ٩من مجموع يهود بولندا يعيشون في المدن ويشكلون ٣٣% من سكانها مقابل ١٦.٤ % من المواطنين. وكل هذا يعني استقطاباً كاملاً وعزلة تشبه من بعض الوجوه عزلة يهود الأرندا. لكن الصورة لم تتغير كثيراً مع نهاية القرن التاسع عشر. وفي بوزنان، قفز عدد أعضاء الجماعة اليهودية من ٢.٧٧٥ عام ١٨٦٥ (أي١٢.٢% من مجموع سكان المدينة) إلى ١٦٦.٦٢٨عام ١٩١٠ (أي ٤٠.٧% من سكانها) . وفي عام ١٨٩٧، كان أعضاء الجماعة اليهودية يشكلون أكثر من ٥٠% من السكان في ٥٧ مدينة بولندية من واقع ١١٠ مدن. أما المدن التي كان يشكل اليهود أكثر من ٤٠% من سكانها، فكانت ٨١ مدينة. وحتى عام ١٩٢١، كان اليهود يشكلون ٤٠% من عدد السكان في ٩٩ مدينة (من واقع ١٩٦ مدينة) . وتزايدت معدلات الهجرة بسبب الضغوط التي مارستها الحكومة على أعضاء الجماعة اليهودية ليتركوا الريف، وبسبب جاذبية المراكز الصناعية.
لكن تَركز يهود بولندا في المدن يعني أيضاً تركزهم في التجارة وعالم المال. ففي المدن البولندية، كان اليهود يشكلون ٩٠% وأحياناً ١٠٠% من التجار والحرفيين. وفي نهاية القرن التاسع عشر، كان ١٨ مصرفاً (من ٢٦ مصرفاً أساسياً في وارسو) في أيدي اليهود أو المسيحيين من أصل يهودي. وظهرت طبقة ثرية يهودية تستثمر في الصناعة، ولكن أغلبية يهود بولندا العظمى كانوا من صغار التجار الفقراء.