ورغم تَشوُّه البناء الطبقي لدى يهود بولندا فإنه، مع منتصف القرن، كان الاندماج الاقتصادي لأعضاء الجماعة يتزايد كما يتضح في الوظائف والمهن التي كانوا يشغلونها. ففي عام ١٨٥٧، كان ٤٤.٧% من جملة اليهود يعملون بالتجارة، مقابل ٢٥% فقط في الحرف اليدوية والصناعات. واختلفت النسبة قليلاً عام ١٨٩٧ إذ انخفض عدد العاملين بالتجارة إلى ٤٢.٦%. ولكن الأهم من هذا أن عدد العاملين في الحرف والصناعات زاد إلى ٣٤.٣%، كما زاد عدد التجار غير اليهود من ٢٧.٩% من مجموع التجار عام ١٨٦٢ إلى ٣٧.٩% عام ١٨٩٧.
وظهرت طبقة من المهنيين اليهود، وخصوصاً في وارسو، حققت شيئاً من الحراك الاجتماعي. ولكن، مع تعثُّر التحديث في شرق أوربا، وبعد تطبيق بعض قوانين مايو ١٨٨٨ الروسية (عام ١٨٩١) في بولندا، تم طرد أعضاء الجماعة اليهودية من القرى وحُدِّد النصاب المسموح لهم به. ونتج عن ذلك إغلاق أبواب الحراك الاجتماعي أمام هؤلاء المهنيين اليهود. وقد جاءت من صفوفهم معظم الزعامات الصهيونية واليهودية الأخرى. ويُلاحَظ تَحوُّل أعداد كبيرة من يهود روسيا إلى طبقة عاملة صناعية داخل منطقة الاستيطان، وهي ظاهرة ظل يهود بولندا بمنأى عنها، فقد ظلوا تجاراً صغاراً وكباراً وحرفيين تشكل الطبقة العاملة بينهم نسبة صغيرة إن لم تكن ضئيلة.