اليهودية اكتسبت أبعاداً ضخمة، فقامت محاولة لاستبعاد أعضاء الجماعة من سلك الحكومة وبنوك الدولة والاحتكارات التي تمتلكها الدولة، مثل صناعة الطباق، واستبعادهم كذلك من سلك التجارة الخارجية (الذي كان مركزاً في أيديهم) . وقامت حركات مقاطعة أيضاً في المهن الحرة والحرف اليدوية. وبسبب توجهها القومي الواضح، ألقت الكنيسة الكاثوليكية في بولندا بثقلها وراء الحركات الشعبية المناهضة لليهود. وكانت كل هذه الحركات تهدف إلى طرد أعضاء الجماعة اليهودية من قطاعات اقتصادية معيَّنة، وهو أمر ممكن من الناحية النظرية، ولكن لم يقابله اتجاه مماثل نحو خلق فرص اقتصادية جديدة في مجالات أخرى. والواقع أن الهدف كان طرد اليهود ونقلهم لا دمجهم في المجتمع. ومن هنا كان تأييد الحكومة البولندية للحركة الصهيونية ولجهودها الرامية إلى تهجير اليهود إلى فلسطين. وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل بين اليهود ٣٠٠ ألف عام ١٩٣٨. ولذا، شهدت هذه المرحلة استمرار الهجرة من بولندا، حيث بلغ عدد الذين هاجروا في الفترة ١٩٢١ ـ ١٩٣٧ نحو ٣٩٥.٢٣٥ هاجرت أعداد كبيرة منهم إلى فلسطين. ومع هذا بلغ عدد اليهود ٣.٢٠٠ مليون عام ١٩٣٩ عشية الغزو النازي.
ورغم تردِّي وضع اليهود، فإن العناصر الليبرالية وقفت إلى جانب أعضاء الجماعة، وكان ثمة أحزاب سياسية تنادي بالمساواة أمام القانون انخرطت في سلكها عناصر يهودية. كما يبدو أن معاداة اليهود لم تجد طريقها إلى صفوف الطبقة العاملة البولندية، وخصوصاً العناصر الثورية. ونظم حزب البوند عدة إضرابات من أجل حقوق اليهود أيَّدتها عناصر بولندية مسيحية. ولكن، مع هذا، كان تأييد اليهود الليبراليين والثوريين تأييد أقلية لأقلية. وكما نوهنا من قبل، كان وضع اليهود داخل التشكيل القومي البولندي وضعاً قلقاً يستند إلى تراث تاريخي معاد للجماهير ومصالحها.