٣ ـ أدَّى الانفجار السكاني وإغلاق أبواب الحراك الاجتماعي إلى هجرة اليهود بأعداد متزايدة إلى غرب أوربا والولايات المتحدة. وكانت مدينة برودي على حدود منطقة الاستيطان المحطة التي هاجر منها الملايين.
٤ ـ أدَّى تَركُّز أعضاء الجماعة اليهودية داخل مناطق بعينها، وبالذات داخل المدن، إلى احتفاظهم بشيء من هويتهم الإثنية اليديشية إذ كان بمقدورهم أن يتحدثوا، فيما بينهم، باليديشية وأن يقرأوا الصحف المكتوبة بتلك اللغة داخل الجيتو الكبير، فنشأ أدب يديشي داخل مناطق الاستيطان، كما ظهرت بدايات الحركة الصهيونية (أحباء صهيون) بين يهود روسيا، وكذلك حركات مثل البوند وفكر قومية الدياسبورا (أو القومية اليديشية) ، وكلها محاولات للتعبير عن هذه الهوية بشكل أو آخر. ويميل بعض المؤرخين اليهود مثل جرايتز ودبنوف إلى أن يصوروا منطقة الاستيطان وكأنها وطن قومي يهودي في المنفى له شخصيته القومية المحددة.
ولكل هذا، مع قيام الثورة البلشفية، وإلغائها منطقة الاستيطان، وفتحها كل روسيا أمام اليهود للاستقرار فيها، وإتاحتها فرص الحراك الاجتماعي والتنوع الوظيفي والاقتصادي، هاجر الألوف من اليهود إلى داخل روسيا. وبالتالي، نجح الاتحاد السوفيتي في القضاء على الأساس السكاني والحضاري للهوية اليهودية اليديشية وهو ما أدَّى إلى اختفاء هذه اللغة بحيث يمكننا أن نقول إنها تكابد الآن سكرات الموت.