والمهمة، وقد كان هذا جوهر وصميم المشروع القومي. ووجد أعضاء الجماعة اليهودية هذا الوضع مناسباً، وكانوا من الأقليات الأولى التي تمت أمركتها تماماً، وتقبلوا أسطورة بوتقة الصهر ثم بعد ذلك تقبلوا أسطورة الاندماج المعدلة التي تقبل عناصر إثنية شريطة أن تكون سطحية، فأصبحوا أمريكيين يهوداً وهم الذين نطلق عليهم مصطلح «اليهود الجدد» نظراً لاختلافهم الجوهري عن يهود أوربا وبقية العالم.
ويقف هذا على الطرف النقيض من مجتمعات أمريكا اللاتينية التي لا تزال أسطورتها القومية كاثوليكية تستبعد اليهود. وحينما جاءت جماعات المهاجرين اليهود، وجدت التشكيل الحضاري المحلي (الهندي) الذي لا يتاح للغرباء أن يضربوا بجذورهم فيه، كما وجدت التشكيل الحضاري الكاثوليكي الذي ينبذها. ونجم عن ذلك انكفاء المهاجرين، كلٌّ على هويته التي أتى بها، فتشبث بها وعمَّقها، ولم تظهر هوية يهودية لاتينية إذ ظلت هناك هويات يهودية من ناحية، وهوية لاتينية من ناحية أخرى، الأمر الذي أدَّى إلى زيادة الانقسامات بين الجماعات اليهودية المختلفة. وإذا بدأت تظهر، مع تزايد معدلات التحديث والترشيد والعلمنة في أمريكا اللاتينية، مثل هذه الهوية اللاتينية اليهودية، فإنها ستكون في واقع الأمر هوية لاتينية وحسب، إذ سيظل البعد الإثني اليهودي سطحياً للغاية، ربما أكثر سطحية من إثنية يهود أمريكا.