وقد كان ظهور الكتبة تعبيراً عن وضع الجماعات اليهودية كأقلية إثنية ودينية تضطلع في معظم الأحيان بدور الجماعة الوظيفية ومن ثم تتمتع بنوع من الإدارة الذاتية في الأمور الثقافية والقانونية، فأصبح الكتبة فقهاء في القانون يحاولون تطبيق تعاليم التوراة والشريعة الشفوية على الحياة اليومية. وكان الهدف من هذا المشروع بناء سياج أو إطار حول التوراة والجماعات اليهودية، وهو ما يحقق قدراً من العزلة الحقيقية أو الوهمية التي تضمن أداءهم لأدوارهم كجماعة وظيفية. وستظل هذه وظيفة علماء اليهود عبر تواريخ الجماعات اليهودية في العالم، وخصوصاً في الغرب. وبعد الكتبة (سوفريم) ، جاء الفريسيون ومعلمو المشناه (تنائيم) ، والشراح (أمورائيم) والفقهاء (جاءونيم) ، وهؤلاء جميعاً يُعدون استمراراً طبيعياً للكتبة. وحين يشير العهد الجديد إلى الفريسيين والكتبة، فإن الإشارة تنصرف إلى فقهاء الشريعة اليهودية بشكل عام، وهم أولئك الذين أصبح يُطلَق عليهم لفظ «حاخام» فيما بعد.
وقد كان يوجد كتبة في صفوف الفريسيين والصدوقيين، كما أن بعضهم كانوا أعضاء في السنهدرين. وقد تطوَّر معنى الكلمة بحيث أصبحت كلمة «سوفير» تعني «معلم التوراة (للأطفال) » ، كما أصبحت تعني «كاتب لفائف التوراة» . وفي العبرية الحديثة، تُستعمَل الكلمة بمعنى «كاتب» و «أديب» و «محرر صحفي» .
الأزواج (زوجوت)(١٥٠-٣٠ ق٠م)
Zugot
«الأزواج» يقابلها في العبرية كلمة «زوجوت» ، وتُستخدَم اصطلاحاً للإشارة إلى خمسة أجيال من علماء الدين اليهودي أتوا قبل معلمي المشناه (تنائيم) في الفترة ١٥٠ ق. م ـ ٣٠م. ويمتد الزوجوت عبر خمسة أجيال، وشغل كل زوج منهم المنصبين التاليين: رئيس السنهدرين (أو الأمير) ولقبه «الناسي» ، ونائب الرئيس ولقبه «آف بيت دين» . ويُعتبَر كلٌّ من هليل وشماي من آخر الأزواج، وهما معاً يُعَدَّان أول معلمي المشناه.