«معلمو المشناه» هي المقابل العربي لكلمة «تنائيم» ، و «تنا» كلمة آرامية تعني «يكرر» ومنها «تنائيم» . وتُستخدَم الكلمة للإشارة إلى علماء اليهود الذين جاءوا بعد الكتبة (سوفريم) وعاشوا في القرنين الأول والثاني الميلاديين. يبدأ عصرهم بمدرستي هليل وشماي (القرن الأول) وينتهي عند الحاخام يهودا الملقب بالبطريرك أو الناسي. ويحمل معظم معلمي المشناه لقب «رابي» بمعنى «سيدي» ، ثم صار لقبهم فيما بعد «راب» أو «رابّانان» ، أي «سيدنا» . وقد أتى ذكر أسماء مائتين وخمسة وسبعين من معلمي المشناه، يُقسَّمون إلى أربعة أجيال. وقد شهدت هذه المرحلة سحق التمرد اليهودي الأول والتمرد اليهودي الثاني ضد الرومان، حيث انتهى أولهما بهدم الهيكل وانتهى ثانيهما بهدم القدس وتحريمها على اليهود. وأدَّى سقوط السلطة المركزية الدينية إلى تهديد اليهودية نفسها، ولكن معلمي المشناه نجحوا في تخليص اليهودية من عناصر العبادة القربانية بحيث أصبحت اليهودية ديناً يستند إلى الإيمان ويدور حول المعبد أينما كان بدلاً من الهيكل في أورشليم (القدس) ، وهو في الواقع تطوُّر كان الفريسيون قد مهدوا له. كما أن ظهور مركز اليهودية البابلي (ثم السكندري) ، وكذلك هيكل أونياس والتجمعات اليهودية المختلفة في مدن البحر الأبيض المتوسط، كان قد قضى على المركزية الدينية بالفعل، ولم يبق سوى الاعتراف بالواقع القائم واستيعابه داخل البناء العقائدي. ويُعَدُّ الحاخام يوحنان بن زكاي (مؤسس حلقة يفنه التلمودية) مهندس عملية الانتقال وقد عارضه في ذلك بقية الكهنة وبعض عناصر الأرستقراطية وعدد من الحاخامات. ولكنه نجح في أن يُدخل التعديلات المطلوبة ويؤكد قيادته ليهود فلسطين، كما نجح في أن تعترف به السلطات الرومانية رئيساً دينياً لليهود (الناسي أو البطريرك) . وبعد هدم حلقة يفنه التلمودية، اتبع جماليل السياسة نفسها حينما أسس حلقة أخرى.