لكن ظاهرة مركزية الصورة المجازية الجنسية وشيوعها تحتاج إلى تفسير. والواقع أنه يمكننا أن نقول إن اليهودية الحاخامية، بتشدُّدها، أحاطت اليهودي بعدد هائل من التحريمات والأوامر والنواهي (وقد حرَّم الحاخامات في كثير من الحالات ما أحل َّ الإله، ولعل شعائر السبت التي أخذت تتزايد على مر السنين خير مثال على ذلك) . وقد يكون كل هذا قد خلق إحساساً عميقاً بالذنب بين أعضاء الجماعات في أوربا، وخصوصاً بسبب وجودهم في تربة مسيحية تنظر إلى الجسد باعتباره شيئاً كريهاً، وبسبب الفقر الذي عاشوا فيه، الأمر الذي زاد من حرمانهم وشقائهم. وقد حدث نتيجة هذا ردُّ فعل عنيف، هو في جوهره، حسب قول باتاي، «تجنيس للإله وتأليه للجنس»(من الغريزة الجنسية) . ويجب أن نشير إلى أن هذه الظاهرة ليست مقصورة على اليهود، بل هي ظاهرة تعم كثيراً بين الحركات الصوفية الحلولية، وإن أخذت شكلاً متطرِّفاً في حالة يهود شرق أوربا. كما أن الأنساق الدينية الحلولية المتطرفة عادةً ما تتبدَّى في ترخيصية جنسية. فإذا كان الإله يحل في كل شيء، فإن كل شيء يصبح الإله ومن ذلك الجنس، بل خصوصاً الجنس الذي يُعَدُّ هو الآخر تعبيراً عن الإله، بل يُعَدُّ أكثر الأشياء تعبيراً عنه بسبب ما يحيطه من غموض وأسرار وبسبب ما يتضمنه من فقدان للذات وإحساس بالفيضان والفيض. وقد عقد باتاي مقارنة بين القبَّالاه والديانة الهندوكية الحلولية، وبيَّن عمق التشابه بينهما.