للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما زاد الأمور تطرُّفاً ظهور حركات مسيحية منشقة في روسيا ابتداءً من القرن السابع عشر، مثل السكوبتسي (المخصيون) والخليستي (الذين يضربون أنفسهم) وغير ذلك، وهي جماعات تُحرِّم الجماع الجنسي تماماً من ناحية، ثم تقيم من ناحية أخرى احتفالات ذات طابع جنسي داعر. وقد تأثر يهود اليديشية بتلك الحركات. ولعل كل ذلك قد أدَّى إلى تهيئة الجو لظهور شبتاي تسفي الذي نادى بالترخيصية، وبإسقاط الأوامر والنواهي، وبدأ في ممارسات جنسية كانت تُفسَّر تفسيراً رمزياً من قبَل أتباعه. وبعد إسلامه ظهرت الحركات الشبتانية، وخصوصاً الدونمه والفرانكية، التي جعلت الإباحية الجنسية طقساً دينياً أساسياً، والتي أدركت الإله من خلال صور مجازية جنسية واضحة. وكانوا يقولون إنه "كلما ازداد الإنسان انحلالاً ازداد ارتفاعه وسموُّه، وكلما ازداد خرقاً للشرائع كان هذا دليلاً على وصوله واقترابه". وقد آمنوا بما يُقال له «العالياه» من خلال «اليريداه» ، أي الصعود من خلال الهبوط. وقد ورثت الحركة الحسيدية معظم هذه الاتجاهات الإباحية الترخيصية ونادت بما أسمته «عفوداه بجشيموت» ، أي «الخلاص بالجسد» ، وإن حاولت تفسير ذلك تفسيراً رمزياً.

وقد كان هذا هو الإطار الفكري السائد بين يهود أوربا عشية الانعتاق، وكان الفكر الشبتاني متغلغلاً تماماً حتى في صفوف القيادات الحاخامية، كما أن القبَّالاه كانت قد هيمنت تماماً على الوجدان الديني اليهودي وكانت تُعَدُّ أساساً للتشريع أو على الأقل لتفسير الشعائر والشرائع.

<<  <  ج: ص:  >  >>