٤ ـ يغترب الإنسان عن الطبيعة الإنسانية الجوهرية ويغترب أيضاً عن فكرة الكل وما يميِّز الإنسان عن الحيوان هو أن الحيوان يتكيف مع بيئته، أما الإنسان فإنه يسيطر عليها بوعي. وتحت حكم الرأسمالية، يفقد العامل عنصر السيطرة ويصبح في مرتبة الحيوان (أي أن المرجعية الإنسانية المتجاوزة تتهاوى لتحل محلها المرجعية الكامنة في الحيوان) .
ويمكن إلغاء حالة الاغتراب من خلال الثورة وتغيير علاقات الإنتاج فيصبح العامل حراً ليعبِّر عن إمكانياته الإبداعية التي يجسدها ثمرة عمله، ولن تصبح حياة الإنسان شظايا مفتتة بل سيصبح كلاً متكاملاً.
وثمة مشكلة أساسية في مفهوم ماركس للاغتراب وبخاصة جوهر الإنسان، وتتلخص فيما يلي: هل جوهر الإنسان محايث للإنسان من حيث هو إنسان، أي جوهر مطلق (متجاوز) لا يخضع في تحديده إلى التاريخ أو إلى الشروط الاجتماعية، أم أن الجوهر الإنساني هو محصلة للعلاقات الاجتماعية ومن ثم يؤدي تغيير هذه العلاقات إلى تغييره، وعليه لا يكون الجوهر الإنساني محايثاً للإنسان بل خاضعاً للتحديدات الاجتماعية، ومن ثم يجب عدم الحديث عن جوهر إنساني وينتهي أساس التجاوز الإنساني؟ يبدو أن ماركس، في أواخر حياته وبعد فترة تأرجح طويلة، حسم القضية لصالح إنكار الجوهر تماماً إذ قال:" لا تنطلق طريقتي في التحليل من الإنسان بل من الفترة الاجتماعية المعطاة اقتصادياً". وهذا ما فعله ستالين وألتوسير حينما أكدا العنصر الاقتصادي المادي.