وقد رفض فيورباخ وحدة الوجود الروحية وطرح بدلاً منها وحدة وجود مادية، فأنكر أن يكون الإنسان إلهاً مغترباً عن ذاته، فالعكس هو الصحيح، فالإنسان خلق الإله وأسقط عليه جوهره الإنساني ثم خرّ له ساجداً وكأن الإله هو الذي خلقه. ولذا، لكي يتجاوز الإنسان غربته، عليه أن يُسقط فكرة الإله ويكتشف جوهره الإنساني.
وافق ماركس على موقف فيورباخ وأضاف أن الغربة الدينية ليست إلا أحد أشكال غربة الإنسان عن ذاته، فالإنسان هو الذي يصنع طبيعته ويصوغها (فهو ليس له طبيعة أصلية أو جوهرية) . ولكنه بدلاً من أن يركز على مظهره الإنساني فإنه يخلق الإله من نفسه (كما يقول فيورباخ) والأكثر من هذا أنه يخلق من نفسه كذلك قوانين ومبادئ ومؤسسات اجتماعية وفلسفات وسلعاً مادية ورؤوس أموال وينفصل عنها فيشعر بالاغتراب وكأنها لم تكن له وكأنه ليس خالقها، ثم يبث فيها من روحه حتى تدب فيها الحياة فتتوثن هي ويتشيأ هو فتستحيل مخلوقات مستقلة يقوم هو بعبادتها. فالإنسان المغترب عن ذاته ليس في الحقيقة إنساناً، فهو لم يعرف نفسه ولم يع تاريخه أو إمكانياته. أما الإنسان غير المغترب، فهو الإنسان الحقيقي الذي يتجاوز حالة الانفصال هذه ويتحكم في الطبيعة وفي كل ما تنتجه يداه، ويحقق لنفسه الحرية ويتحكم في مصيره.
وأسباب الاغتراب عند ماركس ذات طبيعة اقتصادية مادية كامنة في علاقات الإنتاج والهيمنة الطبقية:
١ ـ يغترب الإنسان عن عمله في المجتمع الرأسمالي لأنه يبيعه.
٢ ـ يغترب الإنسان عن طبيعة عمله نفسها، فبدلاً من أن يكون العمل مصدراً لتحقيق ذاته وتجسيداً لقواه الإبداعية، فإنه في المجتمع البورجوازي يصبح شكلاً من أشكال السخرة.
٣ ـ يغترب الإنسان عن الآخرين لأن جوهر العلاقات الاجتماعية في النظام الرأسمالي هو التنافس.