ماشيَّح دجال. وُلد في أزمير لأب إشكنازي يشتغل بالتجارة، وكان إخوته أيضاً من التجار الناجحين. وقد تلقَّى تسفي تعليماً دينياً تقليدياً، فدرس التوراة والتلمود، ولكنه استغرق في دراسة القبَّالاه وخصوصاً القبَّالاه اللوريانية بنزوعها الغنوصي. وتتزامن الفترة التي وُلد ونشأ فيها تسفي مع بداية تعاظم نفوذ الرأسمالية البريطانية والهولندية (البروتستانتية) ، وبدايات مشروعهما الاستعماري العالمي، وبداية حلولهما محل المشروع الاستعماري الإسباني والبرتغالي (الكاثوليكي) . كان أبوه مندوباً لشركتين تجاريتين: إحداهما بريطانية والأخرى هولندية. وقد شهد عام ١٦٤٨ حدثين من أخطر الأحداث في تاريخ الجماعات اليهودية في الغرب: أولهما انتهاء حرب الثلاثين عاماً (١٦١٨ ـ ١٦٤٨) ، وهي حرب استفاد منها أعضاء النخبة من يهود البلاط، وعانت منها الجماهير اليهودية أيما معاناة. وبرغم استفادة أثرياء اليهود، فإن نهاية الحرب نفسها كانت بداية تدهور الشبكة التجارية اليهودية العالمية، وتَدنِّي وضع النخبة اليهودية بسبب تصاعد عملية تَركُّز السلطة في يد الدولة القومية المركزية الذي أدَّى إلى الاستغناء عن اليهود كجماعة وظيفية. أما الحدث الثاني، فهو انتفاضة فلاحي أوكرانيا والقوزاق تحت قيادة شميلنكي (١٦٤٨) التي هزت قواعد التجمع اليهودي في بولندا، أكبر تجمُّع يهودي في العالم آنذاك. وكان مجلس البلاد الأربعة أهم مؤسسة يهودية تتمتع بشرعية لم تحققها مؤسسة يهودية أخرى منذ زمن بعيد. وقد كان لهذه الانتفاضة أعمق الأثر في يهود العالم كافة. ومن الطريف أن كتاب الزوهار، حسب بعض التفسيرات، كان قد تنبأ بوصول الماشيَّح عام ١٦٤٨، وقد أعقب ذلك كله حروب عام ١٦٥٥ (بين روسيا والسويد) في مناطق تَركُّز اليهود في بولندا، ثم هجمات القوزاق الهايدماك. وتُعرَف هذه الفترة من تاريخ بولندا باسم «الطوفان» .