للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشهدت هذه الفترة إرهاصات الفكر الصهيوني بين المسيحيين في إنجلترا، وبداية الاهتمام باليهود، واسترجاعهم كشرط أساسي للخلاص. وكانت هناك نبوءة تسري في الأوساط المسيحية (البروتستانتية الصهيونية في إنجلترا وبعض فرق المنشقين المسيحيين في روسيا) بأن عام ١٦٦٦ هو بداية العصر الألفي الذي سيتحقق فيه استرجاع اليهود لفلسطين. ولا شك في أن مثل هذه النبوءات الاسترجاعية ذات علاقة قوية بالجو الاستعماري والاستيطاني النشيط في تلك المرحلة. وقد تزايد في تلك الفترة أيضاً نشاط محاكم التفتيش في إسبانيا والبرتغال، وظهر الإصلاح المضاد في إيطاليا بنزعته المعادية لليهود.

وفي هذا الجو من الإحباط والثورات والتردي الحضاري والاقتصادي، حققت القبَّالاه اللوريانية انتشاراً غير عادي (يرى جيرشوم شوليم أن الفترة بين عامي ١٦٣٠ و١٦٤٠ هي التي حققت فيها القبَّالاه اللوريانية الهيمنة الكاملة التي جعلت اليهود مركزاً لعملية الخلاص الكونية، وإن كان شبتاي قد عدَّل هذه الصياغة بحيث يتم الخلاص من خلال شخصية الماشيَّح، أي أنه جعل شخص الماشيَّح مركز الحلول الإلهي بدلاً من الجماعة اليهودية) . ومن العوامل الأخرى الأساسية التي هيأت الجو للانفجار المشيحاني انتشار يهود المارانو في كثير من موانئ البحر الأبيض المتوسط والمدن التجارية، فقد كانوا يحملون فكراً قبَّالياً، كما أنهم كانوا يعانون من الضيق بعد أن شهدوا أيامهم الذهبية في الأندلس وإسبانيا المسيحية، وكانوا يعيشون أيضاً خارج نطاق السلطة وبعيداً عن مراكز صُنع القرّار، الأمر الذي جعل من العسير عليهم تَقبُّل الوضع القائم. وفي الواقع، فإن كل هذا قد هيأ الجو لتصاعُد الحمى المشيحانية، وقامت أعداد كبيرة من اليهود بالإعداد لوصول الماشيَّح، وبدأت الإشاعات تنتشر عن جيش يهودي جرار يجرى إعداده في الجزيرة العربية ليخرج منها ويفتح فلسطين.

<<  <  ج: ص:  >  >>