للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا المناخ، ظهر شبتاي تسفي. ويبدو أن حياته النفسية لم تكن سوية، مثله مثل حياة جيكوب فرانك الماشيَّح الدجال الذي جاء بعده، فقد كان محباً للعزلة، كثير الاغتسال والتعطر، حتى أن أصدقاءه الشبان كانوا يعرفونه برائحته الزكية. وكان يظهر عليه ما يُسمَّى في علم النفس بالسيكلوثاميا، وهي حالة نشاط وهيجان بالغين يعقبهما انقباض وقنوط، وقد صاحبته هذه الحالة حتى الأيام الأخيرة من حياته. وكثيراً ما كان شبتاي يتغنى بالأشعار وينشد المزامير في حالة نشاطه. وحيث إنه تلقى تعليماً دينياً تلمودياً كاملاً، فلم يتهمه أحداً قط بالجهل. وتزوج شبتاي فتاة بولندية يهودية حسناء تُدعى سارة تربت في أحد الأديرة الكاثوليكية أو ربما في منزل أحد النبلاء البولنديين إذ يبدو أن أباها كان من يهود الأرندا، أي وكيلاً مالياً للنبيل في منطقة أوكرانيا، ويبدو أنها كانت سيئة السمعة من الناحية الأخلاقية، وهناك من يقول إنها كانت عاهرة وكانت تدَّعي أنها لن تتزوج إلا الماشيَّح ولذا فإن الإله قد أعطاها رخصة أن تعاشر من تشاء جنسياً إلى أن يظهر الماشيَّح ويعقد قرّانه عليها. وحينما نشبت انتفاضة شميلنكي التي اكتسحت الإقطاع البولندي في أوكرانيا، كما اكتسحت وكلاء النبلاء الإقطاعيين، كان أبواها من ضحاياها. وقد قابل تسفي سارة في القاهرة، أو ربما سمع عنها، فأرسل إليها وتزوجها. وقام تسفي بخرق الشريعة عامداً عام ١٦٤٨، فأعلن أنه الماشيَّح، ونطق باسم يهوه (الأمر الذي تحرمه الشريعة اليهودية) ، وأعلن بطلان سائر النواميس والشريعة المكتوبة والشفوية. ولتأكيد مشيحانيته، طلب أن تُزَفَّ التوراة إليه، فهي عروس الإله. وقد رفض الحاخامات الاعتراف به، فطُرد من أزمير. وقد تنقَّل تسفي في الأعوام العشرة التالية في مدن اليونان، فذهب إلى سالونيكا وغيرها، وقضى بضعة أشهر في إستنبول. وقام بخرق الشريعة مرة أخرى في هاتين المدينتين، إذ نَظَّم أدعية أو ابتهالات

<<  <  ج: ص:  >  >>