وبعد انشقاقهم عن اليهودية الحاخامية، ظل القرّاءون (حتى بداية القرن العاشر) في حالة جمود يختلفون فيما بينهم وينقسمون. ويُقال إن يهود الخزر اعتنقوا يهودية قرّائية، وأنهم انتشروا في شرق أوربا بعد سقوط مملكة الخزر، ولذا نجد أن كثيراً من القرّائين في روسيا وبولندا يذكرون أن لغتهم هي التركية. ومع هذا، دافع القرقساني (أحد مفكريهم) عن هذا الانقسام بقوله: إن القرّائين يصلون إلى آرائهم الدينية عن طريق العقل، ولذا فإن الاختلاف بينهم أمر طبيعي. أما الحاخاميون، فإنهم يدَّعون أن آراءهم، أي الشريعة الشفوية، مصدرها الوحي الإلهي. فإن كان هذا هو الأمر حقاً، فلا مجال للاختلاف في الرأي بينهم. ومن ثم، فإن وجود مثل هذه الاختلافات يدحض ادعاءاتهم التي تنسب الشريعة الشفوية لأصل إلهي.
ويُلاحَظ أثر التفكير الديني الإسلامي على فكر القرّائين، وخصوصاً في عصرهم الذهبي في منتصف القرن التاسع. ويُعَدُّ بنيامين النهاوندي، وهو أول من استخدم مصطلح «قرّائي» ، أهم مفكري القرّائين، كما يُعتبَر ثاني مؤسسي الفرقة حيث عاش في بلاد فارس في أواخر القرن التاسع، ثم تبعه مفكرون آخرون من أهمهم أبو يوسف يعقوب القرقساني الذي عاش في القرن العاشر.
وفي الفترة الممتدة بين القرنين الثاني عشر والسادس عشر، انتشر المذهب القرّائي بين مختلف أعضاء الجماعات اليهودية، خصوصاً في مصر وفلسطين وإسبانيا الإسلامية حيث عمل اليهود الحاخاميون على طَرْدهم منها، وفي الإمبراطورية البيزنطية قبل الفتح العثماني. ومع حلول القرن السابع عشر، انتقل مركز النشاط القرّائي إلى ليتوانيا وشبه جزيرة القرم التي يعود استيطان القرّائين إياها إلى القرن الثاني عشر.