٤ ـ السوق/المصنع يتحرك بشكل تلقائي آلي حسب قوانين العرض والطلب الآلية الرياضية الصارمة الكامنة في السوق ذاته.
٥ ـ السوق/المصنع يحوي داخله قوانينه وكل ما نحتاجه لفهمه، وهو واجب الوجود في النظم الرأسمالية والنظم الاشتراكية على حد سواء.
ولا ندري هل تبنَّى المفكرون العلمانيون الشاملون آليات السوق/المصنع كمقولات لإدراك الطبيعة كنظام واحدي آلي شامل وكمرجعية نهائية مادية، أم تمت دراسة الطبيعة/المادة واستُخدمت مقولاتها لتأسيس السوق/المصنع وتنظيمه على هديها. وعلى كلٍّ، فإن هذا أمر ثانوي إذ يظل هناك هذا التطابق المدهش بين الطبيعة/المادة والسوق/المصنع، والإنسان الاقتصادي هو الإنسان الطبيعي حينما يذهب إلى السوق والمصنع فيذعن لقوانينه التي لا تختلف عن قوانين الطبيعة/المادة.
ولا يختلف وصف دعاة الداروينية الاجتماعية للسوق عن وصفهم للطبيعة/المادة، فالواحد يكاد يكون هو الآخر، والصراع من أجل البقاء والبقاء للأصلح هي قيم نهائية مادية تهيمن على السوق هيمنتها على الطبيعة/المادة. وعملية التطور هي عملية مندفعة من داخل المادة تماماً مثل آليات السوق. وحينما تتم عملية الترشيد والحوسلة (التي تفرض الواحدية على المجتمع) ، فهي تتم في إطار مفهوم الطبيعة/المادة والسوق/المصنع.
والسلعة من المطلقات العلمانية والمرجعيات النهائية المادية الأخرى، وكذلك رأس المال (مراكمة المال باعتبارها المعيار المادي النهائي الذي لا يمكن تجاوزه) . وفي المنظومة القومية العضوية، يصبح الشعب العضوي هو هذا المطلق. أما في المنظومة الإمبريالية فالمطلق هو الحضارة الغربية وعبء الرجل الأبيض (أو شيء من هذا القبيل) . ويمكن القول بأن مفهوم التقدم (المادي) هو واحد من أهم المطلقات العلمانية. والمطلق العلماني كامن ولكنه ليس ساكناً، ولذا فهو يتغيَّر ويتلون حسب المرحلة التاريخية.