ويرجع نجاح الحسيدية إلى أسباب اجتماعية وتاريخية عدة، فالجماهير اليهودية كانت تعيش في بؤس نفسي وفقر اقتصادي شديد بسبب التدهور التدريجي للاقتصاد البولندي، إذ طُرد كثير من يهود الأرندا، وأصحاب الحانات من القرى الصغيرة، الأمر الذي زاد من عدد المتسولين واللصوص والمتعطلين. ويُقال إن عُشْر أرباب العائلات كانوا بلا عمل. وكانت قيادة الحركة الحسيدية - أساساً - من يهود الأرندا السابقين ومستأجري الحانات وأصحاب المحال الصغيرة. وكانت هذه الجماهير في خوف دائم بعد هجمات شميلنكي، وعصابات الهايدماك من الفلاحين القوزاق. كما كانت تشعر بالإحباط العميق، بعد فشل دعوة شبتاي تسفي وتحوُّله إلى الإسلام. وهي مشاعر زادت من حدتها التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تخوضها مجتمعات شرق أوربا آنئذ، هذه التحولات التي جعلت من القهال شكلاً إقطاعياً طفيلياً لا مضمون له، يقوم باستغلال اليهود لحساب الحكومة البولندية والنبلاء البولنديين، ولحساب موظفي القهال من اليهود الذين كانوا يشترون المناصب. وقد صاحب هذا الوضع تدنِّي الحياة الثقافية والدينية داخل الجيتو والشتتل إلى درجة كبيرة، وصار اليهود يعيشون في شبه عزلة عن العالم، بل في عزلة عن المراكز التلمودية في المدن الكبرى. وعلى أية حال، كانت اليهودية الحاخامية قد تحولت إلى عقيدة شكلية، تافهة وجافة، خالية من المضمون الروحي والعاطفي، تؤكد الأوامر والنواهي دون اهتمام بالمعنى الروحي لها.