ويُلاحَظ أن القبَّالاه كانت قد أحكمت هيمنتها على الفكر الديني اليهودي بين جماهير اليهود وحتى بين طلاب المدارس التلمودية العليا وأعضاء المؤسسة الحاخامية. والفكر القبَّالي الحلولي قادر على إشباع التطلعات العاطفية لدى الجماهير الساذجة اليائسة. ومن المفارقات أن أعضاء الجماعات اليهودية، بعد أن عاشوا بين فلاحي أوكرانيا وشرق أوربا لمئات السنين، بعيداً عن المؤسسات الحاخامية في المدن الكبرى والمدن الملكية، تأثروا بفولكلور فلاحي شرق أوربا، وبمعتقداتهم الشعبية الدينية، وبوضعهم الحضاري المتدني بشكل عام. ويبدو أن الحسيديين تأثروا بالتراث الديني المسيحي، وخصوصاً تراث جماعات المنشقين (بالروسية: راسكولنيكس Raskolniks من فعل «راسكول raskol» بمعنى «ينشق» ) في روسيا وأوكرانيا. فالقرنان السابع عشر والثامن عشر شهدا ظهور جماعات دينية مسيحية متطرفة، مثل: الدوخوبور (المتصارعون مع الروح، وكان بينهم مدام بلافاتسكي) والخليستي (من يضربون أنفسهم بالسياط) والسترانيكي (الهائمون على وجوههم)(كان راسبوتين عضواً في هاتين الجماعتين) والسكوبتسي (المخصيون) ، والمولوكاني (شاربو اللبن) ، وغيرهم. وكان عدد أعضاء هذه الجمعيات كبيراً إلى درجة غير عادية حيث كان يصل إلى خمس عدد السكان حسب التقديرات الرسمية وإلى نحو نصفهم حسب التقديرات الأخرى. وكان أتباع هذه الفرق يتبعون أشكالاً حلولية متطرفة، فالسكوبتسي (على سبيل المثال) طالبوا بالإحجام عن الجماع الجنسي، ولكنهم كانوا يقومون في الوقت نفسه بتنظيم اجتماعات ذات طابع جنسي جماعي داعر. وقيادات هذه الجماعات كانوا يتسمَّون بأسماء غريبة مثل:«المسيح» أو «النبي» أو «أم الإله» ، فقد كانوا يؤمنون بأن القيادة هي تجسيد للإله، تماماً مثل المسيح.