ومع هذا، فإن اليهودية الإصلاحية، في محاولتها تطوير اليهودية، انتهى بها الأمر إلى أن خلعت النسبية على كل العقائد ونزعت القداسة عن كل شيء، أي أنها في محاولتها إدخال عنصر النسبية الإنسانية والتهرب من الحلولية، سقطت في نسبية تاريخية كاملة بحيث أسقطت كل الشعائر وكل العقائد تقريباً، أي أنها هربت من وحدة الوجود الروحية إلى وحدة الوجود المادية. وقد شبَّه بعض المؤرخين اليهودية الإصلاحية بحركة شبتاي تسفي، ويرون أنها الوريث العلماني المعاصر له. وهو تشبيه مهم وعميق ولكنه يعاني من بعض نقط القصور لأنه يُفسِّر نقط التشابه ولا يُفسِّر نقط الاختلاف. ونحن نرى أن الحلولية، حينما تصل إلى مرحلة وحدة الوجود الروحية، تتحول عادةً إلى حلولية بدون إله أو وحدة وجود مادية. ولعل شيئاً من هذا القبيل قد حدث داخل اليهودية، وحركة شبتاي تسفي هي مرحلة وحدة الوجود الروحية حيث يحل الإله في العالم (الإنسان والطبيعة) ويصبح لا وجود له خارجها، ومع هذا يظل يحمل اسم الإله، ويصبح كل ما في العالم تجلياً للإله. وتعقب هذه المرحلة مرحلة تغيير التسمية إذ يسقط اسم الإله ويُسمَّى بعد ذلك «قوانين الحركة» أو «روح العصر» وخلافه، وهذه هي مرحلة موت الإله. ولعل اليهودية الإصلاحية تعبير عن مرحلة انتقالية بين الشبتانية ووحدة الوجود الروحية ولاهوت موت الإله في الستينيات ومرحلة وحدة الوجود المادية، هذه المرحلة الانتقالية نسميها مرحلة شحوب الإله، فهو موجود اسماً ولكنه يتبدَّى من خلال عدد كبير من المطلقات الدنيوية (مثل روح العصر) . ولذا، نجد أن اليهودية الإصلاحية قد تحولت إلى ما يشبه دين العقل الطبيعي (الربوبية) ، فهي تؤمن بوجود قوة عظمى تعبر عن شيء باهت شاحب غير شخصي تطلق عليه كلمة «الرب» ، كما أنها تنكر سلطة التلمود، بل والتوراة نفسها، وتقرر الشعائر والعبادات بمجموعة من المؤتمرات والبيانات التي تتم الموافقة عليها بالتصويت والانتخابات