للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطرق الديموقراطية.

وفي ضوء منطلقات الفكر اليهودي الإصلاحي، يمكننا أن ننظر إلى التعديلات التي أدخلها زعماء الحركة الإصلاحية، على العبادة اليهودية وبعض المفاهيم الدينية، ومن أهمهم أبراهام جايجر (زعيم الجناح المعتدل) الذي يُشار إليه عادةً بلفظة «التقدمي» وديفيد فرايد لندر (زعيم الجناح الثوري) الذي يُشار إليه أحياناً بصفة «الليبرالي» . وقام الإصلاحيون بإلغاء الصلوات ذات الطابع القومي اليهودي، وجعلوا لغة الصلاة الألمانية (ثم الإنجليزية والولايات المتحدة) لا العبرية (ليتمشوا مع روح العصر والمكان) ، وأبطلوا كل الفوارق بين الكهنة واللاويين وبقية اليهود، وأدخلوا الموسيقى والأناشيد الجماعية، كما سمحوا باختلاط الجنسين في الصلوات، ومنعوا تغطية الرأس أثناء الصلاة أو استخدام تمائم الصلاة (تفيلين) ، ولقد تأثروا في ذلك بالصلوات البروتستانتية، وقام بعض الإصلاحيين ببناء بيت للعبادة أطلقوا عليه اسم «الهيكل» ، وكانت تلك أول مرة يُستخدَم فيها هذا المصطلح لأنه لم يكن يُطلَق إلا على الهيكل الموجود في القدس. ومعنى ذلك أن الإصلاحيين بتسميتهم معبدهم هذه التسمية الجديدة، كانوا يحاولون تعميق ولاء اليهودي إلى الوطن الذي يعيش فيه ويحاولون نقل الحلول الإلهي من مكان سيعودون إليه في آخر الأيام إلى مكان يرتادونه هذه الأيام. وعلى المستوى الفكري، أعاد الإصلاحيون تفسير اليهودية على أساس عقلي، وأعادوا دراسة العهد القديم على أُسُس علمية (فالعقل أو العلم هو موضع الحلول الإلهي أو المطلق في المنظومات الربوبية) ، ونادوا بأن الدين اليهودي أو العقيدة الموسوية (وهي التسمية الأثيرة لديهم) تستند إلى قيم أخلاقية تشبه قيم الأديان الأخرى. كما ركَّز الإصلاحيون على الجوهر الأخلاقي للتوراة، وكذلك الجوهر الأخلاقي لبعض جوانب التلمود، مهملين التحريمات المختلفة التي ينص عليها القانون اليهودي، وخصوصاً القوانين المتعلقة بالطعام

<<  <  ج: ص:  >  >>