ولا يركز نقد بلوم الأدبي على النص وإنما يركز على أهم قارئ للنص وهو قارئ يتسم بالقوة: أي الناقد، فكأن النص يموت وكاتب النص يموت وينتصر الناقد الذي يفرض إرادته النيتشوية على الكلمات التي أمامه، ومن ثم يذوب النص المكتوب في صوت الناقد (الذي يصبح اللوجوس في العملية الأدبية) . ولذا، يصبح النقد الأدبي مناسبة أو تكأة للناقد لأن يطلق صوته وكأنه كاهن حلولي يتصور أن الإله قد تلبَّسه وأن اللوجوس حل فيه فأصبح هو نفسه اللوجوس. ويُلاحَظ أن السيولة الحلولية هنا تؤدي إلى انثيال المصطلحات وتَغيُّرها من عمل إلى عمل، فالمصطلحات البوبرية التي استُخدمت في المرحلة الأولى أُسقطَت في المرحلة الثانية حيث حلت محلها مصطلحات من القبَّالاه اللوريانية ثم من الفكر الغنوصي وأخيراً من فكر التمركز حول الأنثى، ولكن الثابت في كل هذا هو الصيرورة. وعلى كلٍّ، فإن هذه صفة أساسية في النقد الأدبي الحديث لعصر ما بعد الحداثة في الغرب حيث يتسم كل شيء بالسيولة بعد غياب اليقين المعرفي والأخلاقي. ومن ثم، فلا يمكن الحديث عن بلوم باعتباره ناقداً يهودياً، فهو ناقد علماني غربي من نقاد عصر ما بعد الحداثة وقد أصبحت القبَّالاه نفسها جزءاً من التراث الفكري الغربي بحيث لا يوجد فارق كبير بين القبَّالاه المسيحية والقبَّالاه اليهودية.