ينطلق فكر هلسوم من حادثة الإبادة النازية ليهود أوربا وغياب الإله أو موته وعجزه، بل إنها تسأل: إذا كان الإله عاجزاً ولا يستطيع مساعدة شعبه اليهودي، هل يستطيع هذا الشعب مساعدته؟ وهذا هو بالضبط مفهوم الإصلاح الكوني (تيُّقون) القبَّالي. والواقع أن يومياتها مليئة بالإشارات إلى ضرورة أن يضحي الإنسان بنفسه دون انتظار أية عدالة ودون أن يكن أي كره لقاتله، وقد وُصف فكرها الديني بأنه مسيحي متأثر لا بحادثة الخروج اليهودية وإنما بحادثة الصَلْب المسيحية. وبالفعل، نجد أن كتاباتها مليئة بإشارات إلى العهد الجديد. بل يبدو أن رؤيتها لأوشفيتس هي رؤية مسيحية، فالشعب اليهودي هو الذي يتم صلبه وكأنه حَمَل الإله الوديع ودمه النازف شهادة على وجود الإله أو دعوة للشعوب ألا تنغمس في العنف مرة أخرى. ولذا، فإننا نجد أنها لا تهتم كثيراً بإشكالية عجز الشعب اليهودي بسبب عدم مشاركته في السلطة، وهي الإشكالية التي يهتم بها دعاة لاهوت موت الإله وبقاء الشعب اليهودي. وبقاء الشعب ليس المطلق أو حجر الزاوية المقدَّسة بالنسبة إليها، فالموضوع الأساسي في كتاباتها هو اليهود كشاهد وليس اليهود كشعب له سيادة. وقد ظهرت طبعة لأعمالها الكاملة بالهولندية عام ١٩٨٦. والواقع أن كتابات هلسوم، شأنها شأن كتابات شيستوف وأعمال شاجال، تثير قضية الهوية اليهودية، فإذا كانت النقطة المرجعية لهلسوم هي المسيحية، وإذا كان خطابها الديني مسيحياً، فبأي معنى من المعاني يمكن الحديث عن يهوديتها.
إرفنج جرينبرج (١٩٣٣-)
Irving Greenberg
حاخام أمريكي يوصف بأنه أرثوذكسي وبأنه مفكر تربوي أمريكي يهودي. وُلد في بروكلين، وعمل في جامعة براندَيز كمدير لجماعة هليل الطلابية وكمحاضر، ثم عمل أستاذاً للتاريخ في جامعة يشيفا.