وينطلق فكر جرينبرج من نقد جذري عميق لكل من الدين والحداثة من خلال واقعة الإبادة. فاليهودية والمسيحية في رأيه مسئولتان عن الإبادة لأنهما أدتا إلى عجز اليهود: المسيحية بقيامها بتجريد اليهود من السلطة وتحويلهم إلى شعب شاهد وبتوليدها كُرهاً عميقاً تجاه اليهود لدى المسيحيين، واليهودية الحاخامية بتقبلها العجز بسبب عدم المشاركة في السلطة واعتباره حالة نهائية لن تنتهي إلا بمقدم الماشيح. فاليهود، حسب تصوُّر اليهودية الحاخامية، شعب مختار من الكهنة والأنبياء والشهداء.
ولكن الحل لا يكمن في الاتجاه إلى العلم، فالحضارة الحديثة التي نقلت الولاء من إله التاريخ والوحي إلى إله العلم والإنسان لم تؤد إلى سعادة الإنسان وإنما إلى الإبادة، والمجتمع الحديث بكل آلياته وإمكاناته هو الذي جعل الإبادة أمراً ممكنا. بل إن كلاًّ من المؤسسات الدينية والحديثة مرت على الإبادة مروراً عابراً وتقاعست عن واجب تحديها بالخروج عن الصمت، أي أن جرينبرج يرفض أن ينسب أية مطلقية للعقيدة الدينية أو للمجتمع العلماني.