ولكن كيف يحقق اليهود البقاء؟ يكتشف اليهود حيزاً داخلياً يمكنهم التقهقر إليه، حيث يمكنهم أن يدركوا معنى النازية باعتبارها محاولة القضاء على الحياة والهوية اليهودية والعقل الإنساني (ولنُلاحظ هنا الترادف بين «اليهودي» و «الإنساني» ) . وهم، هناك في هذا الحيز، يشعرون بمقدرة على المقاومة، وهي مقدرة من الإله: إله التاريخ اليهودي. ومقدرة اليهود على المقاومة تعني أن التاريخ اليهودي يستمر، حتى أثناء الإبادة، من خلال أفعال المقاومة التي تقوم مقام المتسفاه، أي تنفيذ الأوامر والنواهي الكبرى التي كانت تُقرِّب المسافة بين اليهودي والإله حتى يتم التوحد الكامل بينهما وينصلح الخلل الكوني (تيقون) . وانطلاقاً من هذا، يصبح واجب اليهود الديني الأساسي هو المقاومة والبقاء، وإلا أصبح النصر من نصيب هتلر. وهذا ما يُطلَق عليه أيضاً «لاهوت البقاء» ، فالبقاء هو التيقون.