ويُلاحَظ أن الإيقاع العام للفكر الديني اليهودي لا يزال كما كان منذ بدايته، فقد كان هناك دائماً دعاة الوثنية أو القومية أو الحلولية (الكهنة أو الملوك) الذين يَصدُرون عن الطبقة الحلولية داخل التركيب الجيولوجي التراكمي اليهودي، وكان هناك دعاة الأخلاق العالمية والشاملة (الأنبياء وبعض الحاخامات) الذين يدورون في نطاق الإطار التوحيدي. كما أن التوتر بين لاهوت موت الإله ولاهوت التحرير هو نفسه التوتر القديم بعد أن تصاعدت حدته بسبب تصاعد معدلات العلمنة وبعد أن أصبح الخطاب الوثني أكثر صَقْلاً وأكثر إلماماً بالخطاب الديني وأكثر امتلاكاً لناصيته. ويبدو أن حسم مثل هذا الصراع أمر صعب للغاية بسبب التركيب الجيولوجي لليهودية الذي يوفر لكل المتحاورين إمكانية أن يجدوا سوابق وشواهد تدعم وجهة نظرهم وتعطيهم شرعية دينية.
وقد تصاعدت حدة لاهوت التحرير مع تصاعد حدة الانتفاضة، فالانتفاضة هي التي أثبتت أمام الجميع أن الدولة الصهيونية ليست مطلقاً وأن التاريخ اليهودي ليس مقدَّساً وأن أرض فلسطين ليست أرض ميعاد تنتظر سكانها (فهي ليست سوى أرض مأهولة بسكانها الذين يحيون ويموتون ويحبون ويجاهدون) . ويُلاحَظ في الحوار اليهودي المسيحي، أن المحاورين اليهود كانوا يصرون على ضرورة قبول الدولة اليهودية باعتبارها مطلقاً دينياً، ثم أخذوا يتنازلون عن هذا المطلب. ومن أهم مفكري لاهوت التحرير آرثر واسكو ومارك إليس.