للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن المجتمع الغربي استغنى عن الجماعات الوظيفية، وأخذ في تصفيتها بعدة طرق منها مساعدة أعضاء هذه الجماعات (ومن هؤلاء اليهود) على التخلص من خصوصيتهم الإثنية، وفي دمجهم في المجتمع أو تشجيعهم على الاندماج. واستجابةً لذلك، ظهرت حركة التنوير وحركة اليهودية الإصلاحية اللتان قامتا بتعريف ما يُسمَّى «الهوية اليهودية» تعريفاً دينياً.

وقد عارضت الصهيونية هاتين الحركتين، وراحت تعمل على تحويل كلٍّ من الإحساس بالانتماء الديني إلى جماعة دينية واحدة والارتباط العاطفي بأرض الميعاد إلى شعور قومي وبرنامج سياسي. كما قامت الصهيونيةبعلمنة المفاهيم الدينية. فبعد أن كانت كلمة «شعب» تعني أن اليهود جماعة دينية قومية، أصبحت الكلمة في المعجم الصهيوني تعني «الشعب» بالمعنى القومي والعرْقي الذي كان سائداً في أوربا في القرن التاسع عشر. وقد تأثر الفكر الصهيوني بفكرة الشعب العضوي، أي الفولك، فنظر الصهاينة إلى اليهود كشعب عضوي قوميته عضوية وعناصره كافة (الأرض والتراث والشخصية واللغة ... إلخ) مترابطة عضوياً. وقد تعمقت هذه الفكرة في كتابات دعاة الصهيونية الإثنية العلمانية الذين نادوا بأن الانتماء القومي لليهود يستند إلى ما يُسمَّى «التاريخ اليهودي» و «التراث اليهودي» ، وما العقيدة اليهودية سوى جزء عضوي من هذا التراث. أما دعاة الصهيونية الإثنية الدينية، فإنهم يرون أن اليهودية دين قومي أو قومية دينية، وأن ما يربط اليهود كشعب هو دينهم القومي أو قوميتهم الدينية.

<<  <  ج: ص:  >  >>