وفي مداخل هذا الباب سنقوم أولاً بتقديم السياق التاريخ والاقتصادي والحضاري للصهيونية، ثم نقدم تاريخاً موجزاً للفكر والحركة الصهيونية. وفي بقية مداخل الباب سنقدم تواريخ الحركة الصهيونية في مختلف بلاد العالم.
السياق التاريخي والاقتصادي والحضاري للصهيونية
Historical, Economic, and Cultural Contexts of Zionism
ثمة مركب من الأسباب الحضارية والاقتصادية والتاريخية أدَّى إلى ظهور الصهيونية (بين غير اليهود واليهود) سنحاول أن نوجزها في هذا المدخل، وبإمكان القارئ العودة للمداخل الخاصة بكل عنصر. ويُلاحَظ أننا استبعدنا مفهوم "التسامح مع اليهود"(انظر: «التسامح مع اليهود» ) لأنه لا يصلح كمفهوم تفسيري، كما أن مضمونه السياسي والتاريخي يختلف من مرحلة لأخرى، كما أن ما يبدو تسامحاً قد يكون بغضاً، وما يبدو وكأنه بُغض قد يكون تسامحاً. ومن المعروف أن بلفور الذي أصدر الوعد الشهير كان يكن بُغضاً عميقاً لليهود، على حين أننا نجد أن سير إدوين مونتاجو الذي وقف ضده وضد المشروع الصهيوني برمته كان يهودياً يكن الاحترام لبني ملته. وإذا كانت الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة تتضمن الإيمان بضرورة نقل الشعب العضوي المنبوذ النافع ثم توظيفه لصالح الحضارة الغربية، فهل هذا يعبِّر عن البُغض أو يدل على التسامح والمحبة؟
كما يجب ملاحظة أن تاريخ الصهيونية تاريخ مركب لأقصى حد ويتضمن ساحات ثلاثاً هي:
أ) أوربا: باعتبارها مصدر المادة البشرية والقوى الإمبريالية الراعية.
ب) فلسطين: باعتبارها المكان الذي تُنقَل إليه المادة البشرية.
جـ) العالم: باعتبار أن أعضاء الجماعات اليهودية يوجدون في العالم بأسره.