ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، شُكِّلت لجنة طوارئ برئاسة ناحوم جولد مان وصارت هذه اللجنة أهم منبر سياسي للصهيونية الأمريكية، وأُعيدت تسميتها باسم «لجنة الطوارئ الصهيونية الأمريكية» . وقد أصدرت بياناً نوهت فيه بأن الاحتجاج على الكتاب الأبيض البريطاني عام ١٩٣٩ يجب ألا يقتصر على الاجتماعات والمؤتمرات بل يجب أن يكون هناك موقف إيجابي لبرنامج عملي لفلسطين في فترة ما بعد الحرب. ولهذا الغرض، أقام الصهاينة الأمريكيون مؤتمراً في فندق بيلتمور بنيويورك في الفترة بين ٩ ـ ١١ مايو ١٩٤٢، وكانت نتيجة هذا المؤتمر المقررات التي عُرفت باسم مقررات أو برنامج بلتيمور القاضي بوجوب فتح فلسطين أمام الهجرة اليهودية والاستيطان اليهودي تحت رعاية وسلطة الوكالة اليهودية ووجوب تحويلها إلى كومنولث يهودي على أساس وجود أغلبية يهودية، ويجب دمج الكومنولث في بنية العالم الديموقراطي الجديد. وصار هذا البرنامج، الذي يستخدم مفردات لغة الخطاب الأمريكي حول العالم الديموقراطي الجديد والحرية، الحل الصهيوني الرسمي لمشكلة فلسطين.
ويعطينا مؤتمر بلتيمور والبرنامج الذي نجم عنه دلالة قوية على ارتباط الحركة الصهيونية بالتشكيل الاستعماري الغربي، فمع تغيُّر مركز الثقل الإمبريالي من بريطانيا وانتقاله إلى أمريكا، ازدادت أهمية الولايات المتحدة وبالتالي الحركة الصهيونية التوطينية فيها. ومع اندلاع الحرب ووضوح أن الولايات المتحدة في سبيلها إلى وراثة كل القوى الإمبريالية الأوربية، كان هذا البرنامج بمنزلة تدشين للصداقة والعلاقة الوثيقة بين القوة الإمبريالية الصاعدة والحركة الصهيونية التي تبحث عن راع إمبريالي. وقد شهدت تلك الفترة أيضاً ازدياد أهمية رؤساء الحركة الصهيونية في أمريكا حتى أنهم صاروا يُعامَلون كرؤساء الدول ورؤساء الحكومات، وقد أعطاهم هذا انطباعاً موهوماً بأن هذا هو ما سيحدث لو أُنشئت الدولة.