للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإدراك معالم المرحلة الجنينية) .

وقد عبَّرت هذه النزعة الجنينية والرغبة في السيولة عن نفسها دائماً من خلال المنظومات الحلولية الكمونية الواحدية سواء أكانت روحية (وحدة الوجود الروحية) أم مادية (وحدة الوجود المادية) في إنكارها الشرس للكليات المفارقة لعالم الصيرورة وفي دمجها بين الإله والطبيعة والإنسان بحيث يصبح العالم جوهراً واحداً لا اختلاف فيه ولا تمايز. ومن بين المنظومات الروحية، يمكن أن نذكر الغنوصية والقبَّالاه اليهودية وغلاة المتصوفة وكثير من الهرطقات الدينية والحركات الشعبوية الشيوعية، ذات الطابع المشيحاني الآدمي (أي نسبة إلى آدم) . ومن بين المنظومات المادية، يمكن أن نشير إلى كل الفلسفات المادية خاصةً الفلسفات المادية العدمية مثل السفسطائيين الذين لا يجدون في العالم سوى حركة. ولا تتمرد كل هذه الفلسفات الواحدية على فكرة الإله المفارق وحسب وإنما ترفض كل الكليات والتجاوز والحدود، وضمن ذلك الحدود التي تحدد الإنسان كإنسان وتفصله عن الكائنات الطبيعية، ولذا فهي تذيب الإنسان كمقولة مستقلة وككائن متجاوز للطبيعة/المادة. وقد كانت الجماعات الوظيفية تحمل دائماً فكراً حلولياً كمونياً واحدياً، روحياً مادياً في آن واحد (روحياً بالنسبة للجماعة الوظيفية، مادياً بالنسبة للأغلبية) ، والإنسان الوظيفي إنسان ذو بُعد واحد، إنسان اقتصادي غير قادر على التجاوز، يُفهَم في ضوء وظيفته المادية وحسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>